قلق مبرر أبداه الكثير من المحليين والمتعاملين في سوق المال من فتح باب الاستثمار أمام الأجانب غير المقيمين عبر اتفاقية تبادل المنافع تخوفا من دخول أموال ساخنة، خصوصا ان شروط الاتفاقية لم توضح شروط البيع والحد الأدنى لمدة الاستثمار وإذا قلنا من حق المستثمر استرداد أمواله إذا احتاجها ونرضى ذلك لانفسنا عندما نذهب لأي سوق بالعالم فمن الطبيعي ان لا يكون هناك حد أدنى لمدة الاتفاقية. ولكن قبل ان نطالب الأجنبي بأن يكون مستثمرا بسوقنا المالي هل سبقناه لذلك خصوصا تلك المحافظ التي تتساوى أحجامها بالمبالغ التي تدفقت أو التي يتوقع ضخها خلال الفترة القادمة هل كان عموم المتداولين بحاجة إلى ان يقال لهم صراحة ان ما تبيعونه من أصول مالية له قيمة أكبر فكان القرار بمثابة جرس تنبيه أعادهم للسوق فرأينا كيف ارتفعت السيولة اكثر من 50 في المائة خلال الأسبوع الماضي عن ما قبله. هل تقلب السوق خلال المرحلة القصيرة القادمة سيعيد المخاوف مجددا لصغار المتداولين ليستمروا بالتعامل العاطفي مع السوق دون النظر إلى ان قاعدة التعامل الرئيسية مع السوق تقول انك تشتري المستقبل وهذا يعني الاحتفاظ والاستثمار الطويل لتحقيق الفائدة المرجوة من الاستثمار بأي سوق مالي. لقد اعتدنا على التحرك السريع لأموال السعوديين بالأسواق المجاورة ولم تفرض تلك الدول قيودا عليهم بينما نطالب المستثمر الأجنبي بأن يكون مقيدا بمدد طويلة خوفا من التقلبات وتفاقم الخسائر التي قد يسببها انسحابه، بينما نساهم جميعا بما يحدث بالسوق من حدة بالتذبذبات قبل دخوله أصلا لسوقنا. هل سنبقي على نظرية المؤامرة بتعاملاتنا مع السوق ونعلق عليها أخطاءنا بقرارت ارتجالية سواء بالبيع أو الشراء قائمة أصلا على توصيات لم نكلف أنفسنا عناء دراسة وضع الورقة المالية التي نشتريها أو نبيعها لنقيم سعرها ونحدد هل تستحق البيع أو الشراء عند تعاملنا معها؟ هل الهيئة كانت تريد تنبيه عموم المتداولين بتوقيتها لقرار تبادل المنافع ان الأسعار رخيصة فاغتنموها قبل ان يدخل منافس قوي آخر لشرائها منكم بأبخس الاثمان؟ أم سنقول إنها تريد إغراء الأجنبي بالدخول وتعطيه فرصة بمثل هذه المستويات ونعلم ان هذا المستثمر الجديد لن يشتري أصلا بأسعار غالية فلماذا كنا نبيع نحن بأسعار رخيصة وما الذي يجعلنا نخاف على أصول مالية لها قيمة كبيرة وتعتبر ركيزة باقتصادنا وجزء لا يتجزا لمستقبله ؟ الأسواق المالية لا يكسب فيها إلا المستثمرون، والمضاربة أحد أدواتها الرئيسية وهي ملح السوق أما الاستثمار فهو وجبة كاملة الفيتامينات وفيه ضمان لتنويع مصادر دخلنا وتحسين الأوضاع المعيشية عامة وقبل ان نطالب الغير بأن يكون مستثمراً عندنا فقط، علينا ان نبدأ بأنفسنا وان لا نحتكم للعواطف دائماً بقراراتنا فتقلبات الأسواق مسألة مفروغ منها ولا يمكن ضبطها بسهولة ولكن المستثمر يبقى هو الرابح ولا نحتاج إلى سرد قصص عنه فالجميع يعرف منها الكثير ولكن نحتاج إلى أخذ العبر منها والصبر الذي يعتبر أهم عنصر يجب ان يتحلى به المتعامل في أسواق المال.