إن صدور النظام الجديد للجمعيات التعاونية الذي أقره مجلس الوزراء مؤخراً سيسهم - بحول الله - في فتح آفاق جديدة وإثراء حركة الجمعيات التعاونية بالمملكة وتذليل ما يعترضها من عقبات، خاصة وأن العمل التعاوني المحلي مر بفترة ركود وخمول الفترة الماضية، والمتتبع لمراحل تطور النشاط التعاوني في عهد خادم الحرمين الشريفين يلاحظ أنه قد تأثر بصورة مباشرة بما طرأ على المجتمع السعودي من تغيرات في النواحي الاقتصادية والاجتماعية فقد بلغ عدد الجمعيات التعاونية العاملة المسجلة رسمياً في سجلات وزارة الشؤون الاجتماعية (161) جمعية تعاونية وبلغ عدد أعضائها (51.270) عضواً ورؤوس أموالها (171.158.350) ريالاً واحتياطياتها حوالي (398.000.000) ريال وحجم تعاملها ما يقارب (380.635.000) ريال وإجمالي موجوداتها (657.733.000) ريال.
وقد توج صدور النطام الجديد للجمعيات التعاونية بموافقة خادم الحرمين الشريفين على رعاية الملتقى الذي ستنظمه وزارة الشؤون الاجتماعية بعد عدة أشهر الذي سيناقش العديد من قضايا العمل التعاوني ومنها مناقشة بعض التجارب الناجحة للجمعيات التعاونية في الدول العربية والإقليمية، وبهذه المناسبة تذكرت أنه يوجد في الاتحاد الأوروبي أكثر من 300 ألف جمعية تعاونية توفر 2.5 مليون فرصة عمل تقريباً، وتُقدم الخدمة لـ 150 مليون مواطن من أعضائها.وتتمتع الجمعيات التعاونية بالقوة خصوصاً في مجالات الزراعة والتأمين وتجارة الأغذية بالتجزئة والصيدليات والإسكان والرعاية الصحية، فنصيب الجمعيات من الإنتاج الزراعي في هولندا يبلغ 83 في المئة، وفي ألمانيا 50 في المئة، أما في الخدمات المصرفية فنجد أن نصيب الجمعيات التعاونية يصل إلى 50 في المئة في فرنسا. كما أنها تغطي في إسبانيا 25 في المئة من الرعاية الصحية، وتمثل تعاونيات الألبان في النروج 99 في المئة من إنتاج الحليب.
وانا هنا لا أريد المقارنة بقدر ما أطمح إلى وضع شيء من تأريخ العمل التطوعي أمام القارئ الذي ينتظر انعقاد ملتقى الجمعيات التعاونية تحت شعار (يد بيد نحو عمل تعاوني أفضل) والذي ستنظمه وزارة الشؤون الاجتماعية قريبا بعد أن حظيت بموافقة خادم الحرمين الشريفين إيمانا من القيادة الرشيدة بأهمية تطوير العمل التطوعي لدينا بما يتناسب مع التحولات الاجتماعية التي يعيشها المواطن. والجميع ينتظر من هذا الملتقى زيادة الفهم للواقع الحالي للجمعيات التعاونية، وإجراء تقويم وتحليل لمختلف مجالات العمل التعاوني في المملكة إضافة إلى توفير منتدى لالتقاء القيادات الوطنية ذات العلاقة من خلال التركيز على أربعة محاور تشمل تطوير العمل التعاوني وتجارب ناجحة في العمل التعاوني، إضافة إلى مستقبل العمل التعاوني في المملكة والتحديات التي تواجهه، والشراكة بين مؤسسات المجتمع والجمعيات التعاونية.
والسؤال الحلم
هل سيحمل الملتقى القادم مشروعا وطنيا لنشر ثقافة العمل التطوعي في المجتمع، وهل سنرى حضوراً لوزارة التربية والتعليم من خلال مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم (تطوير) عبر برنامج دعم النشاط غير الصفي الذي يحتوي على عدد من البرامج منها برنامج الأنشطة التطوعية الذي يركز على مساهمة الطلاب والطالبات وتفعيل دورهم عبر مدارس (تطوير) التي سيبدأ العمل بها العام القادم في (50) مدرسة على مستوى المملكة، البرنامج يزيد من قدرة الطلاب والطالبات على التفاعل والتواصل مع الآخرين والحد من النزوع إلى الفردية وتنمية الحس الاجتماعي بتعليمهم مهارات جديدة أو تحسين مهارات يمتلكونها في اتجاه تطوير ثقافة العمل التطوعي ثم مانصيب تطوير العمل التعاوني من خلال دراسة ظروف نشأة الجمعيات التعاونية ومراجعة أهدافها وأنظمتها ولوائحها، وماذا عن مستقبل العمل التعاوني في المملكة و التحديات والصعوبات التي تواجه، وهل سنسمع عن مبادرات تطويرية تمنح التدريب والتعليم التعاوني فرصة حقيقية لتطوير المرحلة القادمة من عمر الجمعيات التعاونية لدينا من أجل المواطن قبل كل شيء.