«الجزيرة» - فيصل الحميد:
يعيد عبد الغفار حساباته ويفكر جدياً بالعودة إلى بلده الأم (السودان)، بعد أن - ضاقت عليه الأرض بما رحبت - حسب قوله من جهة، وتوافر نفس الدخل في بلده من جهة أخرى.
ودفع ارتفاع مستوى التضخم، وانخفاض قيمة الريال كثيراً من الوافدين للتفكير بالعودة إلى بلدانهم لتقارب مستوى دخل العاملين في المملكة ونظرائهم في الدول الأخرى كالسودان وتركيا وسوريا وغيرها.
وسجّل التضخم مستويات قياسية بلغت ذروتها هذا العام وتحاوزت 10.5%، قابلها انخفاض في قيمة الريال الذي فقد نحو ثلث قيمته.
ويقول عبد الغفار، وهو مندوب مبيعات في إحدى المؤسسات التجارية: (قد أحصل على عمل في السودان بأجر يفوق أجري الحالي في الرياض .. وعلى أقل تقدير سأجد ما يوازيه).
وأظهر تقرير لوزارة العمل عن أجور العاملين في القطاع الخاص لعام 2007 تدني متوسط الأجور بشكل عام اذ لم يتجاوز بالإجمال 1354 ريالاً، وبلغ الحد الأدني لمتوسط الأجور نحو 724 ريالاً في قطاع الزراعة وصيد الأسماك، وبلغ أعلاه عند 7314 ريالاً في قطاع النفط، وساهم الأخير بمشاركة قطاع المال والتأمين وقطاع الكهرباء برفع المتوسط العام للأجور، حيث وصلت إلى 4486، و 3767 على التوالي.
وقابل ذلك ارتفاع في متوسط الإيجارات السنوية للوحدات السكنية بمختلف أنواعها خلال عام 1427هـ بالمقارنة عن عام 1426هـ بنحو 5 آلاف ريال كحد أدنى، حسب الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض التي أشارت إلى أن النصيب الأكبر من الإيجارات للشقق يصب في القطاع الشمالي ويصل فيها تكلفة الإيجار إلى 21703 ريالات في السنة كحد أدنى بالرغم من احتلالها المرتبة الثانية الأكبر عدداً للشقق السكنية.
ويؤكد أحد العاملين في مجال التموين وهو تركي الجنسية، أن هذا العام هو آخر آعوامه الستة عشر التي قضاها في الرياض. ويقول (الأجور هنا تساوي الأجور في تركيا حاليا .. حاليا لا يكفي دخلي فصرف الريال ضعيف في تركيا).
ويضيف (وضعت خياراً آخر وهو الانتقال إلى روسيا .. العامل هناك يحصل على أجر بنحو 1200 دولار شهرياً، فضلاً عن تأمين السكن والمعيشة و تذاكر الطيران).
وأفادت دراسة متخصصة حول مستويات الرواتب وتكلفة المعيشة في دول الشرق الأوسط، خصوصاًً الخليجية، بأن الفجوة تزداد اتساعاً بين الاثنين يوماً بعد يوم، ما يولّد شعوراً متزايداً بعدم الرضا الوظيفي في أنحاء المنطقة، موكدة أن الارتفاع الملحوظ في تكاليف المعيشة فاق كثيراً زيادة الرواتب.
وكشفت الدراسة التي أعدّتها شركة (بيت دوت كوم)، المتخصصة في التوظيف بالتعاون مع (يوغوف سيراج) البريطانية المتخصصة في أبحاث السوق، أن ارتفاع تكاليف المعيشة في دول الخليج وهبوط الدولار، أدّيا إلى ارتفاع مستويات الشعور بعدم الرضا في شكل يعتبر سابقة بين الموظفين في المنطقة، وأن كثيراً منهم باتوا يفكرون في تغيير أماكن عملهم، واستكشاف فرص عمل جديدة في قطاعات بديلة، وقال 45% من العاملين في المملكة إنهم يفكرون في الانتقال إلى بلد آخر أو العودة إلى الوطن الأم.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة (بيت دوت كوم) ربيع عطايا إن (الناس يغيرون وظائفهم مرة كل عامين في المتوسط .. وأن مبدأ الولاء للعمل يتحسن كلما ازدادت الرواتب، وأن الشركات وأصحاب الأعمال الذين لا يردمون الفجوة بين المداخيل ونفقات المعيشة، يجدون صعوبة في استقطاب الكوادر الوظيفية المناسبة والاحتفاظ بها).
وكان استبيان أجراه موقع آرابيان دوت كوم مؤخرا، أفاد أن 69% من الموظفين في شركات سعودية مستعدون لترك وظائفهم؛ بسبب الغلاء الذي تشهده البلاد، وأن عملهم في السعودية لم يعد مغرياً.
وتأتي خطوات تلك الشركات، في وقت بدأت شركات خاصة سعودية تستبدل الموظفين العرب بالموظفين الآسيويين، نتيجة تزايد طلبات المغادرة النهائية التي قدرت بنحو 15 في المئة فقط بسبب الغلاء.
وكان وزير الصحة الدكتور حمد المانع قد دعا نظراءه الخليجيين في اجتماع ضمهم هذا العام بعدم المبالغة في رفع أجور الأطباء الأجانب بما يؤثر بالسلب على الأطباء على العاملين في المملكة.