لقد استبشر المواطنون خيراً عندما صدر قرار خصخصة الخطوط السعودية وتحديث أسطول الطائرات المدنية السعودية، والسماح لشركات طيران جديدة بدخول قطاع النقل الجوي الداخلي، وما تبع ذلك من بعض الخطوات الجيدة مثل استحداث نظام الخدمة الذاتية لاستصدار بطاقات صعود الطائرة، واستبدال التذكرة القديمة بقسيمة إلكترونية.. لكن تلك الخطوات التحديثية لم تحقق آمال المتعاملين مع الخطوط السعودية، فبعد أن اعتقد الجميع أن ما حصل من تطور واضح قي قطاعات أخرى تمت خصخصتها؛ وخصوصاً قطاع الاتصالات الهاتفية، سينقل خدمات السفر الجوي لدينا إلى عصر جديد، إلاّ أن ذلك التفاؤل سرعان ما تلاشى ليتحول إلى تذمر ومعاناة حقيقية للمتعاملين مع الخطوط الجوية السعودية.. فمعدل التأخير في مواعيد الرحلات لم يتحسن بشكل مأمول، كما أن مشكلة ندرة وجود المقاعد خصوصاً في المواسم لم تتحسن بل ربما ازدادت سوءاً.
فالزيادة في عدد الرحلات لم تتواكب مع الزيادة المتنامية في أعداد المسافرين والمصطافين، مما أدى إلى استمرار معاناة المسافرين من صعوبة الحصول على مقاعد، وما ينتج عن ذلك من استمرار اللجوء إلى الواسطة والمحسوبية والضغط على موظفي الخطوط وإحراجهم من قبل المسؤولين والأقارب والمعارف.. كما أن من المظاهر غير الإيجابية في الخطوط السعودية عدم تمييز ركاب الدرجة الأولى وفق المعمول به في مثيلاتها من شركات الخطوط الدولية الأخرى، ومن أبسط الأمثلة على ذلك أن جميع الركاب يحشرون في الحافلات الأرضية دون تمييز ويظلون واقفين طوال المسافة من وإلى الطائرة خصوصاً في مطار جدة، وكأنهم في حافلات خط البلدة في بعض الدول الفقيرة.. كما أن ركاب الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال لا يعطون الأولوية عند النداء إلى صعود الطائرة كما كان الحال سابقاً، أما في معظم مكاتب الخطوط السعودية فقد يستغرق زمن الانتظار للوصول إلى موظف الخطوط ثلاث ساعات من أجل شراء تذكرة أو الحصول على حجز، هذا إذا وجد الحجز، حيث قد يصل رقم الانتظار إلى 60 أو 70 شخصاً، وعند الوصول إلى الموظف قد تكون الإجابة: لا يوجد إمكانية؛ فيذهب ذلك الانتظار سدى.
أما فيما يتعلق بفتح المجال لشركات محلية جديدة، فلم يكن ذلك الإجراء بالمستوى المأمول، ولم يحقق الأهداف المرجوة والمتمثلة في تخفيف حدة احتكار خدمة النقل الجوي المحلية، ولم يوفر المنافسة الإيجابية بين شركات النقل المحلي بما يعود على تطوير الخدمات وانخفاض الأسعار، والسبب أن المجال لم يتح إلاّ لشركتين إضافيتين فقط، مع أن السوق بحاجة إلى المزيد من الناقلين الجويين بسبب اتساع مساحة المملكة وتزايد أعداد المسافرين داخلياً وخارجياً.
لا أحد ينكر أن كثيراً من شركات الطيران الجوية العالمية تعاني صعوبات إدارية وتتعرض لخسائر مالية بسبب الارتفاع الهائل في أسعار الوقود عالمياً، لكننا نعرف أن أسعار الوقود في بلادنا من أرخص الأسعار إن لم تكن الأقل عالمياً، يضاف إلى ذلك الفارق الضريبي لصالح خطوطنا الوطنية.. لهذه الأسباب فإن الخطوط السعودية يؤمل منها أن تستثمر هذه المعطيات وأن تبحث عن مواطن الخلل الإدارية والمالية لديها من أجل رفع كفاءة التشغيل، وتوفير المقاعد، واختصار أوقات الانتظار، لرفع كفاءتها وكسب رضا ركابها، ولتواكب تطلعات قيادتنا الحكيمة التي لم تدخر وسعاً في دعم هذا المرفق الحيوي بكل الإمكانات البشرية والمالية ومرافق البنية الأساسية.