الرياض - خاص ب«الجزيرة»:
أكد فضيلة الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع، عضو هيئة كبار العلماء، ضرورة الأخذ بالرؤية والحساب الفلكي في تحديد بدايات الشهور القمرية، وقال: إن علينا أن نأخذ بعلم الفلك في النفي دون الاثبات، مؤكداً أنه لو اتفق أهل الحل والعقد في البلدان الإسلامية على طريقة تجمع بين الاعتراف بعلم الفلك ونظرياته ونتائجه وبين النصوص الشرعية في الاعتداد بالرؤية الشرعية لكان ذلك سبباً في وحدة الأمة.
جاء ذلك في حوار ل(الجزيرة) مع الشيخ عبدالله المنيع حول تحديد بدايات الشهور القمرية، وفيما يلي نصه:
* كيف يمكن الاتفاق على طريقة من قلب أهل العلم والاختصاص لتوحيد رؤية الهلال؟
- لدينا نص صريح من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو قوله: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فيجب أن يكون الإثبات عن طريق الرؤية سواء أكانت الرؤية بالعين المجردة أم كانت بوسيلة تكبير كالنظارة والدربيل والمرصد، إلا أن الرؤية يجب أن تكون منفكة عما يكذبها فإذا قرر علماء الفلك أن القمر يغيب قبل الشمس، وجاء من يدعي الرؤية فيجب ردها لأنها شهادة يكذبها الحي فهي لم تنفك عما يكذبها، فإذا اعترفنا بعلم الفلك ونتائجه واستخدمنا هذه النتائج أمكننا توحيد الرؤية، فإذا قرر علماء الفلك أن الهلال غاب قبل الشمس وأن الشمس غابت بعده فيجب ألا نقبل أي دعوى بالرؤية وإذا غابت الشمس قبل الهلال وغاب الهلال بعدها وجاء من يشهد بالرؤية وكان عدلا تعين علينا قبول شهادته والعمل بموجبها سواء أكانت الرؤية بالعين المجردة أم كانت الرؤية بواسطة تكبير، ولا يجوز لنا رد هذه الرؤية بدعوى عدم إمكانها والحال أن الشمس غربت قبل الهلال؛ فالله سبحانه وتعالى قد منح بعض عباده قوة إبصار تبدد دعوى عدم إمكان الرؤية.
والخلاص أنه يجب علينا الأخذ بخبراء الفلك في حال النفي، كما يجب علينا الاقتصار على الرؤية في حال انفكاكها عما يكذبها والله أعلم.
* هل يمكن الجمع بين الرؤية والحساب الفلكي؟
- نعم، يمكن الأخذ بالرؤية والحساب الفلكي في حال تقرير الحساب الفلكي أن الهلال غاب بعد غياب الشمس وجاء عدل أو أكثر يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس فهذه الحال فيها جمع بين الرؤية وعلم الفلك ولدينا حالتان لا يمكننا الجمع فيهما بين الحساب والرؤية، الحالة الأولة أن يقرر علم الفلك أن الهلال غاب قبل الشمس ويأتي من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس، فهذه الحالة يعارض علم الفلك فيها دعوى الرؤية، ونظراً إلى قطعية علم الفلك وإلى أن الشهادة بالرؤية مرتبطة بما يكذبها فيجب رد الشهادة بالرؤية مهما كانت ومهما تعددت، الحالة الثانية أن يقرر علم الفلك أن الهلال غاب بعد الشمس، ولكن لم يتقدم أحد بالشهادة برؤيته فيجب التقيد والتمسك بقول رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: صوموا برؤيته وأفطروا برؤيته، فلا يجوز لنا الأخذ بعلم الفلك أن الهلال غرب بعد الشمس والحال أنه لم يتقدم أحد بالشهادة بالرؤية، وهذا هو معنى قولنا باعتبار علم الفلك في النفي دون الاثبات والله أعلم.
* هل الاختلاف في الرؤية بين الأمة الإسلامية يكرس الخلاف بينها؟
- نعم، ولو اتفق أهل الحل والعقد في البلدان الإسلامية على طريقة تجمع بين الاعتراف بعلم الفلك ونظرياته ونتائجه وبين النصوص الشرعية في الاعتداد بالرؤية الشرعية لكان هذا سبباً في وحدة الأمة الإسلامية أو تضييق دائرة الخلاف بينها، ولنا في قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الأمل الكبير في القضاء على هذه الظاهرة المزرية بين الأمة الإسلامية وتوحيد مسلكها.
* لماذا تظل بداية شهر رمضان كل عام مشكلة قائمة؟
- السبب في ذلك هو عدم الاعتراف للآخرين بحق القول والركون إلى تزكية النفس وعدم اتهام الرأي والبعد عن مبدأ التحقق والتثبت والتواصي بالحق، من حيث البحث عنه، فمتى تنازلنا عن دعوى صحة توجهنا وعملنا بقوله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}، وبقوله تعالى: {فَتَبَيَّنُواْ}إذا تم منا ذلك واجتمعنا بعلماء الفلك واستمعنا إلى ما لديهم وطرحنا أمامهم إشكالاتنا، وتبادلنا معهم القول، أمكننا أن نصل إلى ما يقضي على مشكلة الرؤية للهلال.