Al Jazirah NewsPaper Friday  29/08/2008 G Issue 13119
الجمعة 28 شعبان 1429   العدد  13119
رياض الفكر
سوق تأويل الرؤى «1 2»
سلمان بن محمد العُمري

ترد رسائل تطالب الصحيفة بالتشهير والتحذير من مدعي العلم، ومعرفة التفسير والتعبير الذي لم يشمل المتطفلين من أبناء البلد مع الأسف، بل شمل بعض المقيمين وقالوا إن هؤلاء ممن يدلس على الناس وتارة يقومون بالرقية وتارة يقومون بتفسير الرؤى، ومن دجلهم ادعاؤهم حمل شهادات علمية عالية وهم لا يحملون سوى شهادات بسيطة، وزادهم الشرعي قليل جداً.

وفي مقابل التحذير من هؤلاء يرد إليَّ كم هائل من الرسائل من القراء، يطالبون في مساعدتهم في تعبير رؤاهم وعرضها على مشايخ، وهناك قراء يطالبون بتخصيص زاوية أو صفحة لتعبير الرؤى، ومنهم من تطوع وعرض أسماء بعينها لاستضافتها، ولربما تكون هذه الرسائل التسويقية من المعبرين أنفسهم، وقدموها على أنها من القراء.

لقد اتفق أهل العلم على أن الرؤيا الصادقة من الله تعالى وأن التصديق بها حق، ولا ينبغي أن تعبر إلا من أهل العلم العارفين بالتأويل كما أن فيها من بديع صنع الله وجميل لطفه ما يزيد المؤمن في إيمانه، ولم ينكر الرؤيا إلا أهل الإلحاد من قدامى ومحدثين، وقد ورد في القرآن الكريم عن الرؤى والأحلام ما يقطع كل جدل، فقد جاء الحديث عن الرؤيا في أربع سور: (يوسف، والإسراء، والصافات، والفتح).

وقد ورد في السنة النبوية ما يزيد على ثلاثين حديثاً بشأن الرؤى الصالحة، وعلى مر العصور اشتهر عدد من السلف بتأويل الرؤى وتفسيرها وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه مشهوراً بتأويل الرؤى وإذا ذكرت الرؤى ذكر الناس ابن سيرين، وفي سجل الحضارات بيان لأهمية الأحلام في حياة الإنسان، وخاصة أحلام ملوكهم من حيث إنها منذرة أو مبشرة بأحداث قادمة، ما ألجأ الملوك إلى البحث عن مفسرين لأحلامهم عرفوا باسم: (رجال المعرفة في مكتبة السحر) وهناك فرق بين الرؤى والأحلام كما أن الرؤى منها ما هو صالح ومنها ما هو خلاف ذلك.

ولا يزال بعض الأشخاص موفقين من رب العالمين في تفسير الرؤى، ولكن موضوع تفسير الرؤى أصبح سوقاً رائجة لبعض الانتهازيين ومرضى الشهرة والطماعين بل والمشعوذين، وعزز حضورهم القنوات الفضائية والإنترنت وبعض الصحف والإذاعات التجارية، ولم يقتصر الأمر على الرجال وحدهم بل شمل النساء أيضاً، وهناك من جعل له موقعاً على الإنترنت ولا يمكن الإجابة على سؤال أو تعبير رؤيا ما لم يشترك المتصل بمبلغ عن طريق رقم الفيزا، وآخر وضع له رقم اتصال على جوال (700)، وآخر وضع جوال الرؤى والأحلام والواجب أن يسمى جوال الدجل والأوهام؛ لأن الهدف تجاري بحت، وآخر تستضيفه قناة إذاعية ولا يقبلون الاتصال إلا عبر هاتف خاص وأسعار الاتصال مضاعفة جداً واستقبال الرسائل عبر هواتف مماثلة أيضاً والمستضاف من مفسري الأحلام كما يقال في المثل (هو أجهل من حمار أهله) فكيف يعبر رؤيا بمجرد رسالة جوال دون أن يتقصى عن أحوال صاحب الرؤيا.

* * *

للحديث بقية



alomari1420@yahoo.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5891 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد