Al Jazirah NewsPaper Friday  29/08/2008 G Issue 13119
الجمعة 28 شعبان 1429   العدد  13119
في تحذيرهم من استخدامها (2-2)
أهل الاختصاص: الشائعات تعزيز للفوضى ونشر المنكرات

تحقيق - أحمد بن مطر العتيبي ومحمد بن سليم اللحام

استعرضنا في حلقة من هذا التحقيق جوانب مهمة حول معاناة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وكالة (يقولون) واستعرضنا أقسام الناس في نقل الأخبار وأهمية التثبت في نقله، كما استعرضنا البعد الاجتماعي لخطورة تناول الشائعات وتحليل للرابط والدافع بين عمل رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشائعات؟! وهل ما إذا كانت الشائعات تؤدي للخير؟!

وفي تكملة تحقيقنا نلقي الضوء على حلقة مهمة في الطرح تتمثل في الموقف الشرعي من الموضوع.

الموقف الشرعي

بداية بين الشيخ فلاح بن رزيق الذيابي إمام جامع عبدالله بن الزبير أن الأمر صريح من رب العالمين بوجوب التثبت والتبين في الأخبار إذا نادى سبحانه أهل الإيمان بعدم التسرع والأخذ بكل ما يسمع من الأخبار التي يتناقلها الناس في مجالسهم، لأن في ذلك من الأضرار ما الله به عليم إذ يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (سورة الحجرات 6)، فهذه الآية أصل في وجوب التثبت في الأخبار وما عداها شارح لها ومبين لدلالتها وأن الأضرار التي يتوقع أن تحصل لمن لا يضبط نفسه في النقل هي أذية المسلمين والتعرض لدعائهم واتهامهم بما ليس فيهم إذا يقول سبحانه: {أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}ويقول سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (سورة الأحزاب 58)، يقول الحسن البصري رحمه الله: (المؤمن وقاف حتى يتثبت).

وأكد الشيخ الذيابي أن التثبت منهج شرعي ونضج عقلي والعقل الصريح يوافق النقل الصحيح وأصل العقل التثبت فالعقل سمي عقلاً لأنه يعقل صاحبه عن فعل ما لا ينبغي، فعلى المسلم أن يتقي الله في نفسه وأن يعمل ما في وسعه أن يعمله من الأعمال الصالحة التي تكون سبباً في رضا الله عليه وذلك بعد تأديته الفرائض التي لا يصح إسلام أحد إلا بعد تأديتها والقيام بها على الوجه الأكمل وأن يحفظ لسانه من أن يتعرض إلى أحد من عباد الله وأن يتسبب في نشر ما لا ينبغي نشره عنهم ويتذكر كل مسلم أن الله خلقه من أجل عبادته وحده ونشر الفضيلة في الأرض وبين عباد الله حتى يفوز برضوان الله.

آفة الأخبار

من جانبه بين أ.د. مسفر بن غرم الله الدميني رئيس وحدة البحوث في كلية أصول الدين بالرياض ورئيس قسم السنة وعلومها سابقاً أن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أمر المؤمنين بالتثبت فيما يسمعونه وينقلونه من أخبار، مخافة أن يكون كذباً واختلافاً، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة ذلك أن الناس يتفاوتون في الصدق والأمانة فيما يتناقلونه من أخبار وروايات (وما آفة الأخبار إلا رواتها) فتراهم يسألون عن مصدر الخبر، وعن حال الناقل وصدقه وديانته، وهذا إذا كان الخبر مما رآه الراوي وشاهده بعينه، فكيف إذا كان مما لا يدري هو عن حال مصدره وحقيقته؟

وأردف فضيلته: وإذا كانت الأخبار متعلقة بسمعة الناس وأعراضهم زاد الأمر أهمية وخطورة.

وأكد على أن دين الإسلام علّمنا أن نتثبت مما يصلنا من أخبار، وأن نبحث عن رواتها، ونفحص أحوالهم، وننقد أقوالهم قبل أخذها وتناقلها أو العمل بها، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}وفي قراءة صحيحة (فتثبتو) وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).

وأضاف الأستاذ الدكتور الدميني أن كثيراً من الناس اليوم يصدقون كل ما يسمعون من أخبار لا لصدق المخبر والناقل لها، بل لأنها توافق هوى في أنفسهم، فيتولون نشرها بكل سذاجة وكأنه لا يصيبهم شيءٌ من الإثم فيما اقترفوه! وإن تقوى الله تعالى تلزمك أن لا تتكلم إلا بما تراه حقاً وعدلاً فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) فعليك أخي المسلم أن تحفظ لسانك وقلمك عن الكلام في أعراض الناس، واعلم أن من تكلم في أعراض الناس بحق تكلم الناس في عرضه بالباطل كما قال أحد السلف رحمه الله تعالى.

دور متألق

وفي هذا الصدد كان لابد لنا من طرق جانب مهم وضروري وهو ما دور الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في دحض الشائعات وتفنيد ما يثار حولها، وفي هذا الجانب بين سعادة مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة والمتحدث الرسمي الأستاذ أحمد بن محمد الجردان أن الرئاسة لها دور ميداني كبير وهذا الدور رغم إشراقته إلا أن من طبيعته كثرة الشائعات من خلال القصص والأخبار والحكايا، وأردف الجردان ومن هذا المنطلق كان للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استراتيجية في التعامل مع ما يثار في المجتمع حول أعمالها من خلال التحقق مما يثار من شائعات مع حرص الرئاسة على تقدير المصلحة من الرد من عدمه ومن ثم إصدار بيان صحفي أو كتابة تعقيب صحفي يوضح الحقائق.

وأردف الجردان: وللرئاسة حضور إعلامي في مجالات عدة تسعى الرئاسة من خلالها إلى بيان الصورة الحقيقية لعملها بما يحول دون وجود سوق رائجة لتداول الشائعات عن عملها.

إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.







 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد