Al Jazirah NewsPaper Friday  29/08/2008 G Issue 13119
الجمعة 28 شعبان 1429   العدد  13119
فيما تباينت وجهات نظر المتداولين حول فتح باب الاستثمار للأجانب
ملامح لتكوين مراكز استثمارية كبرى بين (القياديات) استعداداً لإتمام اتفاقيات مبادلة

د. حسن الشقطي:

أغلق سوق الأسهم المحلي هذا الأسبوع عند 8899 نقطة رابحا حوالي 435 نقطة وهي الربحية التي تأتي في ظل المسار الصاعد الذي بدأ منذ أسبوعين ماضيين واللذين ربح خلالهما المؤشر حوالي 711 نقطة.. وقد بدأت حركة التداول هذا الأسبوع على صعود قوي ربح خلاله المؤشر حوالي 438 نقطة.. ثم ما لبث أن دخل في مسار غير مستقر ما بين صعود وهبوط حتى خسر نحو ثلاث نقاط من حصيلته عند إغلاقه يوم الأربعاء.. وقد سجلت مستويات السيولة المتداولة تحسنا ملحوظا هذا الأسبوع حتى بلغت نحو 8.8 مليار ريال في تداولات يوم السبت الماضي.. إلا إنها عادت لتنحصر من جديد في مستوى 5 مليارات ريال تقريبا خلال تداولات ثلاثة الأيام الأخيرة من الأسبوع.. فما الذي حدث؟ وما هي أسباب الارتفاع الملحوظ في سيولة السبت ثم انحسارها في الأيام التالية؟ ومن جانب آخر، فلا يزال قرار السماح بإجراء اتفاقيات المبادلة مع الأجانب غير المقيمين يثير جدلا واسعا لدى المتداولين ما بين مؤيد ورافض لفتح باب الاستثمار للأجانب غير المقيمين، وأصبح الجميع يتساءل هل سيستفيد السوق من ذلك أم يمكن أن يتضرر منه؟ أما وجه الاستغراب هذا الأسبوع فقد نجم من القفزة الكبرى التي أحرزها عدد من الأسهم القيادية الثقيلة يوم السبت الماضي، فمن قام بالدخول فيها؟ ولماذا في هذا الوقت بالتحديد؟

أقوى صعود استثماري

على غير العادة التي قد يربح فيها سهم قيادي أو سهمان فقط ويصعدا بالمؤشر.. تحرك عدد محدد من الأسهم القيادية الكبرى بالسوق ناحية تجميع غير عادي. ورغم أن نسب ربحيتها جاءت متفاوتة نسبيا، إلا أنها كانت أعلى من المستويات المعتادة.. ففي يوم السبت ربحت سابك 6.4% وسامبا 8.3%، والراجحي 8%، والاتصالات 4.2%، وبنك الرياض 6.1%، وساب 5.3%، والفرنسي 8.1%، والعربي الوطني 7.5%.. فما الذي دفع كبار المستثمرين للقيام بهذا التجميع الهائل؟ ولماذا يجمعون في هذه الأسهم تحديدا؟ هل يعدون العدة لبيعها؟ وعلى من سيبيعونها؟ ولماذا هذه الثقة فيها الآن؟ ومن هؤلاء المجمعون؟

تحرك عادي لأسهم المضاربات النشطة

خلافا للأيام السابقة لم تتحرك أسهم المضاربات سواء الصغرى أو الكبرى بشكل لافت يوم السبت الماضي رغم صعود المؤشر ورغم انتعاش السيولة المتداولة، بل جاءت حركتها عادية وربحيتها صغيرة، فكافة أسهم المضاربة النشطة مثل أسهم التأمين والزراعة وبعض الخدمات لم تحقق أرباحا موازية لتلك التي حققتها الأسهم الثقيلة.. لماذا؟ لأن جميع كبار المستثمرين كانوا مشغولين بالتجميع فيما هو أهم.. في أسهم سيغدو الطلب عليها كبيرا.

تجهيز القياديات لمبادلتها مع المستثمرين الأجانب:

لا يوجد سبب أو مبرر لتفسير هذا التجميع القوي سوى اتفاقيات المبادلة التي أعلن عنها مؤخرا والأرباح الهائلة التي يمكن أن يجنيها المجمعون من ورائها.. لقد أعلن عن السماح باتفاقيات المبادلة بعد إغلاق الأربعاء، ومن المؤكد أن كبار المستثمرين تفاجؤوا بهذا القرار بشكل اضطرهم للتجميع القوي سريعا مرة واحدة في الأسهم التي يرون أنها ستكون مطلب أساسي للمستثمرين الأجانب غير المقيمين.. إن كثير من المستثمرين الأجانب متعطشين للاستثمار في قياديات السوق السعودي بالرغم من وجود قيد عدم تملكهم لهذه الأسهم.. ومن جانب آخر يبدو أن كثيرا من الأطراف المحلية باتت أيضا أكثر تعطشا لربحية غير عادية من جراء اتفاقيات المبادلة التي يمكن أن تتم على نطاق واسع الآن، حتى ولو كانت على أهم وأفضل أسهم استثمارية في السوق... ولكن هل تجهيز قياديات العوائد للأجانب يبدو مناسبا؟ وماذا أعدت هيئة السوق لمنع اصطياد أسهمها الذهبية في محافظ خارجية في وقت يعاني فيه المتداولون المحليون أشد المعاناة من جراء خسائر متراكمة نتيجة تمسكهم بالسوق وولائهم له؟ فهل ضمن اشتراطاتها الـ11 ما يقلص (على الأقل) حدوث ذلك؟

معايير استثمارية جديدة

صعود السبت الماضي لم يكن في كافة الأسهم الثقيلة، بل لوحظ أنه جاء في الأسهم التي تمتلك فيها الصناديق الحكومية نسبا كبرى، فعلى سبيل المثال سهم المملكة لم يشهد تغيرا يذكر يوم السبت، وكذلك أسهم قطاع الأسمنت والمصافي وبترورابغ ربحت نسبا طفيفة أقرب للتحرك العادي تأثرا بالمؤشر أكثر منها تحركا تجميعيا. ومن جانب آخر، فقد جاء التجميع قويا في الأسهم التي شهدت هبوطا حادا خلال الشهرين الماضيين.. أي أن التجميع لم يحدث عشوائيا بل حدث حسب معايير استثمارية غاية في الدقة. إن الأمر المستغرب هو كيف تم التنسيق بين المجمعين وبين المستثمرين الأجانب غير المقيمين للقيام بهذا التجميع خلال يومي إجازة السوق بعد الإعلان عن السماح باتفاقيات المبادلة مباشرة؟ أم أن المجمعين يمتلكون السيولة الكافية للقيام بهذا المخزون الاستراتيجي من الأسهم الاستثمارية بالسوق.

من هم المجمعون في الأسهم القيادية؟

من المفترض أن المجمعين هم الأشخاص الماليون المرخص لهم.. ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه: هل يمكن أن يمتلك هؤلاء الأشخاص هذه السيولة القوية التي صعدت بقيمة التداول من 3.8 مليار في يوم الأربعاء قبل الماضي إلى 8.8 مليار ريال يوم السبت الماضي، أي أنهم تقريبا ضخوا 5 مليارات ريال خلال ساعات معدودة.. وقد يسأل المتداول البسيط من هؤلاء الأشخاص وكيف يمكن أن نتعرف عليهم جميعا؟ بل قد يسأل آخرون هل ينحصرون في شركات الوساطة المالية المرخص لها بالسوق؟ أم أنهم يتمثلون في الشركات التي تدير صناديق الاستثمار فقط؟ إنها أسئلة بسيطة ولكن لا يوجد لها إجابة وافية على موقع تداول.. فقد كنا نعتقد أن الوسطاء المرخص لهم والمعلنة أسماءهم على موقع تداول هم المقصودين بتلك الاتفاقية، ولكن الإعلان عن اسم الشركة المنفذة لأول صفقة مبادلة والتي هي غير مدرجة في قائمة تداول أكد أن هناك أشخاصا آخرين مرخص لهم وربما كثيرون غير معلنة أسماءهم.

المبادلة مع المستثمرين الأجانب تسحب السوق إلى مزيد من القسوة:

البعض يقول إن السوق سيتحول من سوق مضاربي إلى سوق استثماري، وهذا محتمل فعلا، ولكن الأكثر احتمالا هو أن السوق لن يكون به مجالا للبسطاء أو لمتداولي الفطرة.. فحركة التداول سوف تكتسب مزيدا من القسوة، بشكل لن يرحم من يتداولون بناء على توصيات من هنا أو هناك.. فهؤلاء قد لا يكون لهم نصيب من الربح إطلاقا.. فالسوق الآن يزداد انفتاحا ليس على بسطاء من دول أخرى، ولكن على محترفين قادرين على قنص أفضل ما فيه.. لذلك، نوصي وبقوة على ضرورة التعامل من خلال الوسطاء الموثوق بهم.. وإذا كان هذا الأمر سهلا لكبار المستثمرين، فإنه من أصعب ما يمكن لصغار المتداولين الذين قد تُرفض طلباتهم لدى هؤلاء الوسطاء أو ربما لا تنال استحسانهم لصغر محافظهم.. لذلك، فإن إمكانية تكوين المجموعات فيما بينهم قد تمثل حلا لذلك.. وربما يحتاج الأمر لتنظيم خاص من قبل هيئة السوق لتسهيل ذلك.

محلل اقتصادي


Hassan14369@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد