Al Jazirah NewsPaper Friday  29/08/2008 G Issue 13119
الجمعة 28 شعبان 1429   العدد  13119
الخبراء المشاركون في مؤتمر (الدور الإيراني بالمنطقة):
المملكة ومصر يمتلكان من مصادر القوة ما يفوق أي دولة أخرى في المنطقة

القاهرة - مكتب «الجزيرة» - دينا عاشور:

استبعد خبراء سياسيون توجيه ضربة عسكرية أمريكية إلى إيران خصوصاً بعد إثارة قضية القوقاز بين جورجيا وروسيا. وقال الخبراء المشاركون في مؤتمر (الدور الإيراني في المنطقة بين المصالح والهيمنة) الذي نظمه المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية بالقاهرة إن ضرب إيران أصبح مستحيلاً بعد إثارة قضية القوقاز بين جورجيا وروسيا وأن الإيرانيين يستغلون هذه الفرصة لصالحهم. وأضافوا أن إيران دولة مركزية محورية في المنطقة تحمل أجندة واضحة وتسعى إلى بسط نفوذها من أجل مصالحها، كما أنها تسعى إلى فتح حوار مع واشنطن.. متوقعين أن تكون هذه العلاقات في المستقبل علاقات تكاملية فيها من التعاون والتنسيق ما يصل إلى حد التحالف.

وأكد الدكتور علي الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن السعودية ومصر وما تمتلكان من كل مصادر القوة تفوقان أي دولة أخرى في المنطقة فهما قوتان عربيتان يمكنهما المشاركة في تحديد شكل المنطقة. ودعا هلال في كلمة له خلال المؤتمر إلى ضرورة فهم وتحليل الدوافع والسلوك الإيرانى في المنطقة العربية خصوصاً من زاوية المصالح.. وتساءل هل تسعى إيران إلى تحقيق مصالحها في المنطقة أم إلى الهيمنة عليها؟. وطالب بضرورة دراسة علاقات إيران مع حماس ولبنان والعراق وسوريا وتأثير ذلك على الأمن القومي العربي، وكيف يتم التعبير عن هذه العلاقات والمصالح في الخطاب السياسي الإيراني وكيفية ممارسة ذلك في الواقع.

وأعرب الدكتور هلال عن اعتقاده بأن الوضع الداخلي في إيران سيكون عاملاً مؤثراً في إمكانية تحقيق مصالحها الاستراتيجية.. مشيراً إلى أنه من الخطأ التصور أن مصادر إيران خصوصاً المالية غير محدودة، فهناك سقف أوحد لهذه القدرات والموارد لتحقيق المصالح الإيرانية. واستعرض الدكتور هلال مفهوم الأمن القومي الإيراني وتأثيراته على دول المنطقة وهل هو قائم على المصالح أم على التهديد.. داعياً إلى التفكير ودراسة مواقف وسياسات إيران ومقارنتها بين دول المنطقة العربية ودول الجوار الإيراني غير العربية.

وأوضح هلال أن التفاعلات الإيرانية العربية ومواقف إيران تجاه دول المنطقة لابد وأن ينظر إليها من خلال إطار دولي، حيث إن كل ذلك يرتبط بالعلاقات الإيرانية الأمريكية.. مشيراً إلى أن ما تفعله إيران هو تراكم لأوراق ضغط وأوراق نفوذ استعداداً لصفقة مع واشنطن. وشدد على أن هذا الموقف الأمريكي الإيراني طال الزمن أم قصر لابد وأن ينتهي إما إلى انفجار أو إلى صفقة.. مشيرا إلى أن الشواهد تشير إلى أن الولايات المتحدة تعترف وتؤيد أي دور إقليمي لإيران، حيث سيكون دوراً حيوياً ومركزياً في المنطقة، وأنه في هذه الحالة يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى ولكن في سياق دولي مختلف وفى إطار إقليمي أيضاً مختلف.

ومن جانبه، أكد الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري أن العلاقات بين طهران وواشنطن مرشحة لأن تكون أفضل العلاقات بين أمريكا ودولة شرق أوسطية.. مؤكداً على ضرورة أن يقابل الأجندة الإيرانية أجندة عربية ولابد من التعامل مع هذه الأجندة.. وداعياً إلى ضرورة تصحيح العلاقات العربية الإيرانية وأن تكون علاقات إيجابية.

وأشار في هذا الصدد إلى أنه زار إيران ورأى أنها دولة عصرية واقعية تدرك حقيقة مصالحها، وأن قادتها يلعبون على نظرية حافة الهاوية، وأنها ليست دولة دينية بالمعنى المفهوم، حيث إنها تنتمي إلى آسيا.. والعقل الآسيوي هو عقل عملي في الغاية.

وأكد الفقي على ضروة الأخذ في الاعتبار أن إيران دولة محورية مركزية وليس من حقها أن تشارك في تحديد ورسم خريطة جديدة في المنطقة من خلال حوار إيراني غربي، فهذا أمر مؤسف حيث إن العرب الطرف المباشر غائبون.. مشيراً إلى أن العرب يستطيعون أن يكونوا شركاء في تحديد المنطقة وليس من حق إيران أن تتحدث باسم المنطقة وترسم خريطتها على حساب العرب. وذكر الفقي - الذي عاد مؤخرا ًمن سوريا - إنه التقى في دمشق مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والذي أوضح له أن (إيران هي الدولة الوحيدة التي تساعدنا).. داعياً إلى ضرورة الابتعاد عن إثارة مفهوم الشيعة والسنة عند الطرح للعلاقات العربية الإيرانية.

وقال الدكتور صلاح نصراوي الكاتب والصحفي العراقي إن إيران حصدت مكاسب استراتجية كبرى من الحرب على العراق أولها وأبرزها إسقاط نظام صدام حسين الذي شن عليها حرب الأعوام الستة في ثمانينات القرن الماضي وألحق بها إهانة وطنية وخسائر مادية وبشرية كبيرة وعطل مشروعها الإسلامي في المنطقة، كما شكل دائما خطراً داهماً عليها بسبب تقاطع منهجي النظامين سياسياً وعقائدياً، من ناحية، وطموحهما الإقليمي من ناحية ثانية. أما ثاني مكسب استراتيجي حققته إيران من الغزو فهو تدمير الدولة العراقية ذاتها وقواها العسكرية والاقتصادية، حيث أخرج هذا البلد العربي الرئيسي من المعادلة الجيوستراتيجية في المنطقة لصالح إيران التي تمكنت بفضل ذلك من تعزيز وتثبيت نفسها كقوة إقليمية كبرى وإعادة بث الروح في مشروعها لزعامة المنطقة.

وبطبيعة الحال فإن ثالث أبرز المكاسب المهمة لسقوط نظام صدام كانت تمكين الشيعة العراقيين من السلطة مما يضيف، من الوجهة السياسية، عنصراً مهماً لمعادلة الصراع في المنطقة بين الأغلبية العربية السنية فيها والأقلية الشيعية الصاعدة باعتبار أن ذلك سيخلق واقعاً استراتيجياً جديداً يعيد توزيع القوى على مستوى المنطقة كلها. وأكد نصراوي أن إيران التي تتولى قيادتها المؤسسة الدينية الشيعية، تطمع في أن تجد بالصعود الشيعي في العراق، وتولي حلفاءها من القوى الشيعية الحكم فرصة ذهبية أخرى لتعزيز نفوذها في هذا البلد مع آمال بأن يضيف بزوغ نجم الشيعة في عموم المنطقة الكثير إلى رصيدها الاستراتيجي، وخاصة تحالفاتها الإقليمية وبرنامج التسلح النشيط الذي تقوم به، مما يعزز مسعاها بأن تكون القوة المهيمنة الأكبر في المنطقة. وأشار إلى أن إيران هي الرابح الأكبر في المنطقة من الاحتلال الأمريكي للعراق، في حين أن أي تحليل سليم لموازين القوى التي أنتجها الاحتلال في المنطقة سيكشف أن العرب هم أكثر الخاسرين بعد العراقيين أنفسهم.

من ناحية أخرى، أكد الدكتور مزهر الخفاجي مدير البرامج بقناة البغدادية العراقية أن قرار بعض الدول العربية بإعادة إحياء، أو تفعيل برامجها النووية، أو بناء برامج نووية جديدة، ربما هو نوع من التعبير عن الاستجابة للتحدي الإيراني، غير أنه مجرد خطوة تنتظر الكثير من الجهود والمصادر والنوايا السياسية لكي ترى النور فعلا. صحيح أن الإعلانات التي تمت لقيت صدى مرحباً من الرأي العام العربي، غير أن أسئلة كثيرة ستظل تواجه مخططي السياسة العرب عن جدوى وإمكانية المضي نحو إنتاج سلاح نووي في وضع إقليمي شائك ومضطرب وعدم استقرار سياسي تواجهه بعض الدول، وفي ظل رفض أكيد من إسرائيل وحلفائها في الغرب الذين يقفون حاليا بقوة ضد إيران.

وفيما يتعلق الأمر بالمواجهة الإسرائيلية - الغربية مع إيران بشأن برنامجها النووي، قال الخفاجي: إن هناك ثلاثة سيناريوهات يتطلب الأمر من العرب أيضاً التمعن فيها وتقدير موقفهم من نتائجها: أولها أن تضرب إسرائيل أو أمريكا المنشآت النووية الإيرانية بهدف تدميرها أو تعطيلها قبل وصول إيران إلى مرحلة إنتاج السلاح النووي، وهو احتمال، سواء أدى فعلاً إلى تدمير البرنامج الإيراني أم لا، فإنه سيؤدي إلى انزلاق المنطقة إلى نزاعات عسكرية وسياسية مع فوضى عارمة يكون لها انعاكاسات وتبعات أمنية خطيرة داخل دول المنطقة العربية وداخل مجتمعاتها. وثانيها: أن يتم التوصل إلى تسوية تفاوضية بين إيران والأطراف الدولية وفق صيغة صفقة أو مساومة كبرى سوف تمنح إيران مهما كانت بنودها أو تفاصيلها وضعاً متميزاً في موازنة القوة في المنطقة لا يمكن إلا أن تكون على حساب الطرف العربي المغيب عنها وعلى حساب مصالحه. وثالثها: أن يعجز العالم عن مواجهة الطموح الإيراني في الوقت الحاضر خشية للعواقب الجسيمة للسيناريوهين الأولين، أو أن يتخلى عن ذلك لاعتبارات أخرى ويقبل بالتعايش معه مما يزيد من ذلك الطموح ويؤدي بالتالي إلى اتباع طهران سياسات نشطة أو حتى أكثر عدوانية في العالم العربي، بل وظهور إيران كقوة إقليمية كبرى تسعى لأن تقود المنطقة وفق مشروعها الخاص أو إنها تدخل بتحالفات دولية وإقليمية على حساب العرب.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد