Al Jazirah NewsPaper Friday  29/08/2008 G Issue 13119
الجمعة 28 شعبان 1429   العدد  13119
بعض الفضائيات على عجلة من أمرهم في دفع هذا المجتمع إلى الهاوية
محمد بن أحمد الشدي

على الرغم من أن القنوات الفضائية العربية أكثر من الهم على القلب كما يقال إلا أنها لا تقدم ما ينتظره المشاهد العربي منها خاصة على صعيد الفكر والثقافة والمعرفة والأدب والفنون الراقية وجميع مستلزمات الحياة العصرية.ان المطلوب من القنوات الفضائية العربية أن تركز في برامجها على التعليم والتدريب ومعالجة الفقر والبطالة وتحفيز الشباب إلى العمل والإنتاج والإبداع، كما تفعل الدول المتقدمة وأن تحاول الارتقاء بمفاهيم هذه الأمة إلى ما هو أنفع وأجدى!

وكان المفروض إحياء التاريخ المجيد للأمة العربية والإسلامية ومجابهة الحملات المسعورة التي تشنها بعض الجهات المشبوهة ضدها بهدف إحباطها وتأخيرها عن اللحاق بركب الحضارة وصولا إلى استعمارها ونهب ثرواتها بل وتمزيقها وإلغائها من قاموس الوجود والحياة.

من المؤسف والمحزن أن يكون الهم الوحيد لكثير من أصحاب القنوات الفضائية العربية والمسؤولين فيها هو البحث عن الكسب المادي والشهرة وذلك بتقديم البرامج التافهة والمسرحيات والأفلام الهابطة التي تدمر أخلاق الشباب وتضيع أوقاتهم سدى، وتكرس فيهم دوافع الانحطاط واللهاث وراء الشهوات وإحراق وقتهم بما لا فائدة منه!! ومع الأسف أن معظم هذه القنوات تدار برؤوس أمول سعودية.إن كل من يتابع برامج القنوات الفضائية العربية هذه الأيام يلاحظ سباقها المحموم من أجل استغفال المشاهدين والضحك على عقولهم، فليس لديهم سوى الدعاية والمسابقات الدعائية الممجوجة، وعروض الموضة، وبيع الكلام، والنفاق، وخلق الخلافات والحروب المذهبية، وإثارة الأحقاد بين أبناء البلد الواحد والانشغال بالأسهم والبورصة، مع أن نصف المشاهدين لا يملكون شيئاً من الأرقام الفلكية التي لا يصدقها عقل!!

والسؤال المطروح بمرارة هو أين رجال الفكر والكتاب الذين يمارسون التثاؤب والخرس أمام هذا الدور الذي تقوم به القنوات الفضائية العربية والذي لا يؤدي إلا إلى الانهيار والسقوط بالفرد والأمة؟!

ولنا أن نتساءل عن وثيقة الشرف للإعلام العربي وعن جحافل خبراء الإعلام العرب الذين يغطون في النوم وهم يشاهدون هذه القنوات التي تعمل ضد شباب هذه الأمة، وضد الإنسان العربي الذي يكاد يقتله القرف والاشمئزاز من معظم ما يقدم في هذه القنوات التي لا تعرف أي معنى للذوق والحياء، بل إن بعضها لا تنظر للمستقبل وتعرض أفلاما غير لائقة من داخل غرف النوم والعالم يقتلون في ديار العرب، بل إنه يوم احتلال عاصمة.. (احدى المحطات) بقيت سادرة في هذا اللهو الرخيص الموجه لنا مع بث إعلان فاسخ اسمه أحلى ناس وبرنامج اجلس في بيتك، وذلك المذيع المتشاعر الذي يبحث عن المعجبين بشعره عبر هذا البرنامج الماسخ الطافح (بالنرجسية) وغير الموضوعية، ثم لا ننسى المحطة الأخرى وطاقمها الذين يعيشون معنا وقنواتهم مدعومة من مال هذه البلاد وتوقيت برامجها على ساعات المملكة ليس من أجل سواد عيوننا، وإنما من أجل الإعلان وكسب الجمهور الساذج. أليس من الواجب عليهم مراعاة مشاعرنا والحفاظ على حاضر أبناء هذه البلاد؟! إنهم يعيشون معنا ويخلقون بلبلة لنا في مجتمعنا بشكل لافت لدرجة أن أحد مذيعيها ينظر لنا من (عليائه) وكأن هذا المجتمع غابة من الوحوش والجهلة وعليه أن يعلمهم لذا فهو يمرح ويسرح بسوطه لترويض هذا المجتمع! أو أنه يرانا بلداً خاماً وعليه هو ومحطته المنفلتة أن يربينا ويلجمنا ويشكلنا كيف يشاء، وأن يضع لنا القوانين والدستور الذي يريده، بل إنه يتدخل في أعرافنا التي توارثناها فهو يقول عن القبيلة إنه عار، وأن هناك من يسعى إلى إزالتها من الوجود، هكذا فقد أعطى نفسه هذا الحق بعد أن أدخل في هذه المحطة وترك يتكلم وينظر على كيفه وهو لا يترك لضيوفه فرصة الكلام فهو المذيع والضيف في آن واحد، إنه يتكلم بمرارة واضحة وكأن بينه وبين هذا المجتمع العربي المسلم ثأراً ثم زميلته (السياسية البارعة) هي الأخر تخوض في قضايا مجتمعنا عبر برنامجها مع الأحداث الجارية بكل جرأة متناهية وفي برنامج آخر لهم نرى ما لم نره في حياتنا إذ تقوم المذيعة الرابعة من مكانها إلى حيث يجلس الضيف وتقبله على الهواء، أي أخلاق وأي عرب هؤلاء؟! يتم ذلك كله على حساب أخلاق شبابنا وكأننا أصبحنا وبلادنا مزرعة خاصة لهم يلعبون بها كلما أرادوا فسحة أو فرجة!

لماذا لا يتجهون إلى معالجة أدران مجتمعهم من حولهم ومصائبه وأحزانه الذي تلعب به أصابع الشياطين من على حدودهم ومن داخلهم وقد جروا عليه الويلات من خلال تآمر (نابهيه وناصريه)، أم أن الخوف مليح ولم يجدوا إلا هذا المجتمع الطيب الذي يعتقدون أنه الجدار الواطي في نظرهم!! وعليهم القفز عليه كلما أرادوا وذلك بتشريحنا ومجتمعنا على قنواتهم ونشر غسيلنا المتواري عن الأنظار صباحاً ومساءً.

إن كل مجتمع توجد به مثالب وهنات، ولكن القصد من ذلك هو فضحنا أمام العالم والبحث عن مادة جاهزة ينبسط منها كل مريض يجد في نفسه غلا على هذا المجتمع ثم هم بهذا على فائدة - أقصد الإثارة في هذه القنوات، وهذا ما يبحث عنه رأس المال المستثمر في هذا النوع من الاستثمار عبر هذه القنوات التي تقول وتهاجم هذا المجتمع الذي لا يعلم ماذا يبيت له ليلا من هؤلاء المتنفذين وجوقتهم الكلامية المندفعة في هذا الأمر دون تمحيص عما ينتج من ضرر على نفوس هذه الأجيال التي هي من يتلقى هذا الغثاء الجارف من الإعلام غير المسؤول! ولن ننسى محطتنا الكبيرة جغرافيا فهي (معاكسة) إلا فيما ندر لرغبات أمتها وهي تشبه - وأرجو أن أكون مخطئاً - ذلك المشؤوم أبو رغال الذي كثيراً ما يجر الويلات على أمته وهي تصادق كل ما يعادي هذا الخليج العربي وأهله والنظر بعين الرضا إلى ضفته الأخرى! نكاية بأهلهم لا غير والا فهي لن تقفز على الخليج وتحول دون إغلاق مضيق هرمز!!

وأخرى هي منا ونحن منها لغتها جميلة وأحد مذيعيها هو فرح و(مزهزه) ومرتاح يقابل من يشأ وليس لديه خطوط حمراء على ما يبدو، حتى ولو أن الضيف داخل كل (الأقواس) والعلامات الممنوعة، فهو مذيع جريء، هكذا يريد أن يطلق عليه! مطلق له العنان والبنان واللسان يقابل من يشاء، حتى ولو كان ذلك الضيف صادماً لمشاعر الآخرين، فهذا هو المطلوب اصدم كما تشاء لا (يردك إلا لسانك) لا يفر منك أحد أحرص.! فهذا في نظره من صميم الإعلامي الناجح ولا مانع من التحدث بلغة المستنكر أحياناً لما فعله ذلك الضيف الضال فهذه كبسولة تمرر الكثير من المقابلات الصادمة لمشاعرنا ويبدو شيئاً مستهجناً وهو يستدرج أحد ضيوفه ماذا قلت عن الدين ماذا قلت عن بلادك؟ ثم يقول له (الله يهديك) كيف تقول هذا ماذا ماذا قلت أعد! ثم هو يقاطع المتحدث علنا - مرة قال له ضيفه: أنا الضيف أم أنت! اتركني أجيبك!!

المطلوب عندهم هي الإثارة لجلب الشهرة لتلك الوسيلة الإعلامية، ولذلك المذيع النحرير الذي سوف يفخر بهذا النوع من الإعلام الناجح أو هكذا يظنون!! إنني وغيري من متابعي هذه المحطة التي كانت (موضوعية)، نتعجب من تغير نهج هذه المحطة إنها تجنح إلى أسفل الحارات والسراديب في شارع الحمراء والسعي إلى اصطياد رقصة التانجو والابتعاد عن المواضيع التي تهم الأمة ويوم الجمعة ظهرا يعرضون مقابلة دعائية لمطربة (كريمة) في عواطفها يسألها المذيع (بعدك مغرومة؟!) وتقول وَلَوْ كلنا كذلك! يفعلون ذلك وأكثر ظنا من تلك المحطة! وغيرها أن مثل هذا الخط الإعلامي سوف يقربها من الشهرة والغنى، ثم لماذا لا يكون لهذه المحطات هيئات تديرها كما تفعل معظم أفلامها داخل غرف حميمية مغلقة تعرضها، وكأن تراث الأمة قد نضب!أما محطتهم الأم: فها هو قد تقلد نيشان التخبيص في الدين والحياة وكأنه لا يدرك خطورة هذا الجهاز الذي يطل منه يسأل الضيف الذي لا يخفي إعجابه به وقد حوله إلى عالم ومفتي، ويقول له: إنهم من البحرين إلى المغرب يحلفون باسمك؟! أعوذ بالله أن طبيعة هذه المحطة غريبة علينا!

إن فضيحة العرب قد زكمت الأنوف في الحديث عن مسلسل نور التركي، ولا عجب بما فعله شبابنا تجاه هذا المسلسل! فشبابنا قد تربى على هذه القنوات التي مر ذكرها، فلا يستغرب مثل هذا النبت الشيطاني والأفكارالغريبة على مجتمعنا!

لابد من إعادة النظر في هذه الأمور مجتمعة من قبل العقلاء من ملاك تلك المحطات قبل أن يبلغ السيل الزبى، ونأمل أن يكف هؤلاء عن الاسترزاق على حساب أخلاقنا وسمتنا في هذا المجتمع، وأن يخافوا الله في شباب هذه البلاد، وأن يسارعوا إلى إصدار أمرهم بإيقاف هذا السيل الجارف من الأغاني (الفالتة) في محطات التلفزة والإذاعة المحسوبة علينا بشكل أو بآخر!!

لقد أصبحت هذه الأجهزة من قوارض الأخلاق والخطر الداهم سياسياً واجتماعياً وأخلاقياً.. كفى لن أسميكم يا ملاك هذه المحطات وأنتم إخوة أعزاء تعرفون واجباتكم نحو وطنكم وأمتكم!

ولا أعتقد أن ماوصلت إليه هذه المحطات وهذه المشاريع الإعلامية كان هدفكم منذ البداية، وإنما الأمر سلك طريقاً آخر، لا نعتقد أنكم تقرونه بحال من الأحوال.نقول هذا ولا نعمم وهناك برامج معينة تبثها هذه المحطات التي ذكرناها مفيدة ونافعة للمشاهد، وإنما المطلوب من هذا الطرح هو القبول بالنقد البناء.. آمل أن يكون قبوله حسناً من الجميع.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد