Al Jazirah NewsPaper Friday  29/08/2008 G Issue 13119
الجمعة 28 شعبان 1429   العدد  13119
من هنا وهناك خاطرة وأخرى
د. عبد المحسن بن عبد الله التويجري

لا شيء يُلقي بأثره بمثل ما شان من سلوك؛ فالناس وفق العادة وفي قبولها للسلوك الأحسن لا تمعن النظر إلا فيما ندر، وفي ظني أن بعض الناس يدرك هذا فيأخذ حذره، ويلجأ إلى ستارٍ يحجب عوراته إن استطاع.

ومن الناس من يختلق السيئ من السلوك ويلصقها برجل آخر، وهذا طبع لدى تلك الفئة حيث لا يطيق النجاح لدى الآخرين، كما أن عادة السخرية من الآخر لها مجالس ودواوين يسخرون فيها من رجل حاضر أو آخر غالب.

والنميمة طبع في بعض الناس مع أن هذه الأنماط من السلوك جاء فيها توجيه رباني واضح فهو إثم عند الله عز جلاله، كما أنه يخلق الكراهية لصاحب هذا السلوك المشين.

وإذا أردنا أن نتذكر معاً بعضاً من هذه الآيات لوجدنا أن المنهاج القرآني (بعلم الخالق بخلقه يحدد الأبعاد والمحرم والمكروه، ففي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}

فهل بعد هذا الوضوح من إصرار على مثل هذا السلوك، وبعد توجيه القرآن الكريم، وكذلك أن في ذوق الناس إشارة لما يكرهون أو يحبون في فرد من مجتمعهم، فما هي المكاسب للساخر أو من يسمع حواره!

بجانب التوجيه القرآني وعرف المجتمع هناك حقيقة أخرى تتعلق بإدارة الوقت فهو أثمن من جلسات السخرية تلك. فنحن أمة تستهلك بأكثر مما تصنع، وتقدم الأمم واستقرارها لا يتم إلا بعلم واقتصاد جيد؛ فما أحوجنا إلى العلم. والعلم له بيئة لا بد منها، وأعني مناخ البحث العلمي وتهيئة مراكزه وما يلزمها من معدات على أن تفعل بحدها الأقصى وفق خطة مقرة طموحة تتماشى مع القدرة والحاجة.

أحمد الله أن لدينا مستشفيات مزودة بمعدات متطورة، ولكن هذا ليس ما قصدت من علم، فالعلم ركيزته وجوهره البحث بوسائله الطبيعية والمقرة في العالم أجمع.

وطاقة الشباب تستوعبها تلك المراكز بعد أن يهيأوا لها، وألا يتركوا بلا توجيه يأخذ بأيديهم إلى ما هو أفضل لهم ولمجتمعهم.

إن بناء الإنسان خلقاً وعلماً وعطاءً ذخيرة ووسيلة، وقد يفرض هذا الطرح أمر يتعلق بصيغة التعليم ومناهجه، وكل قرار بهذا الصدد يجب أن يتخذه خبراء ومستشارون محترفون، وألا تكون اجتهادات فرد أو أفراد تناقش تفاصيله على طاولة؛ فالأمر يحتم تواجد متخصصين في تطوير التعليم والبحث عن الجادة المناسبة لتقدم الأمة، فالسياسة تنهزم، وكذلك وسائل الدفاع إذا لم يسند هذا علم واقتصاد نافذ وقوي.

وعلى هامش هذه العجالة يحسن أن أتطرق إلى مرض التوحد، ولقد استبشرنا بالقرار الحكيم في إنشاء مراكز لهذا المرض، واستأذن ولكونها غير جاهزة ولم يتبين لها فعل، وما هي طبيعته، فأشير إلى النقاط التالية:

1 - إن مريض التوحد معاناته قاسية على نفسه وعلى ذويه ولاسيما إذا توجهت به إلى شيء من العنف.

2 - التوحد لا يشبه التخلف العقلي بشكل من الأشكال، وتقدم العلم في بحوث العلاج متدنية مع الأسف.

3 - تكلفة رعاية المريض مثلاً في المملكة المتحدة يبلغ مائة وأربعة وثمانين ألف يورو في السنة، فلا أظن عامة الناس بقادرين على هذا.

4 - نستطيع أن نجعل من مراكز المستقبل منارة متميزة بالعاملين فيها وبالتجهيز ونوع الرعاية التي ستقدم.

إن من له ابنا يعاني من قسوة هذا المرض لا بد أنه يعاني في عاطفته ومن اجهاد الابن وما هو عليه من حال، تلك خواطر الجامع المشترك أبناء أمتي وفقهم الله.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6383 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد