Al Jazirah NewsPaper Wednesday  27/08/2008 G Issue 13117
الاربعاء 26 شعبان 1429   العدد  13117
وزارة المالية و(الشعير المأكول المذموم..!)
حمد بن عبدالله القاضي

يلاحظ المتابع أن (وزارة المالية) كثيراً ما تكون (شماعة) يعلق عليها كثير من الجهات سبب تقصيرها أو فشلها في تحقيق الخدمات المطلوبة منها للمواطن، فأغلب الجهات والوزارات عندما تتأخر بإقامة مشروعاتها أو استكمالها أو تقصر في خدماتها أو حتى عند تأخر ترقية أحد موظفيها، فإنها لا تجد سوى (وزارة المالية) توجه إليها مبررات تقاعسها وتقصيرها!.

وبدءاً لا ننفي أهمية (العنصر المادي) بل ضرورته تحقيق الأهداف، لكن (المال ليس كل شيء) ووزارة المالية ليست دائماً هي السبب الذي يمكن أن تلجأ إليه تلك الجهة أو هاتيك الوزارة لتبرير قصورها أو تقصيرها.

***

وليس أدل من ذلك من جهات ووزارات تأتيها الميزانية عن طريق وزارة المالية مثل غيرها لكن نرى أنها عملت وأنجزت وأقامت مشاريعها وقدمت الخدمات الجيدة على ضوء ميزانياتها المحددة لها واستطاعت أن تصرف وتوجه بنودها نحو تحقيق الأهداف المطلوبة منها ونجحت فعلاً إذ نشاهد مشروعاتها، ونلمس خدماتها والإمكانات المالية.

واضرب مثلاً بوزارة التعليم العالي ومشروعاتها الجامعية الكبرى التي تنفذها حالياً، إن الفرق بين هذه التي نجحت وتلك التي فشلت، أن الجهات الناجحة استطاعت توظيف ميزانياتها في إنجاز مشروعاتها والاستفادة منها حسبما خصص لها وأما تلك التي قصرت في تحقيق خدماتها وإقامة وإنهاء المشروعات التي اعتمدت لها فلأنها لم تخطط جيداً لمشروعاتها ولم تبذل جهدها وتجهز الآليات المطلوبة لإنجازها أو أنها تريد أن تنجز كل مشروعاتها دفعة واحدة، لكن يفترض أنها عملت بقاعدة (ما لا يدرك كله لا يترك جله).

إننا نرى أن الجهات الناجحة تنجز وتطالب فتنجح في مسارها ونجد التجاوب معها من الجهات المسؤولة سواء: من المقام السامي أو وزارة المالية أو غيرها بخلاف الأخرى التي لا تنجز إلا القليل وتطلب الكثير.

***

أمر آخر ومهم: أن كل وزارة أو جهة - ترى من وجهة نظرها - أن خدماتها هي أهم الخدمات التي تقدمها ويطلبها المواطن لكن ماذا عن خدمات الجهات الأخرى، هل يعني هذا أن وزارة المالية تعطي هذه الجهة (بالبرميل) وتلك (بالملعقة).. هذا غير صحيح، فكل خدمة تقدمها أية جهة هي مهمة، وإلا لا داعي أصلاً لإنشاء هذه الوزارة أو تلك المؤسسة.

إن وزارة المالية مطلوب منها أن تقسم (الموارد السنوية المالية) على كل الجهات والمؤسسات والوزارات صحية أو تعليمية أو بلدية أو أمنية أو خدماتية إلخ.. وأعان الله مسؤولي وزارة المالية وهي تتلقى طلبات الجهات، وكل جهة ترى أنها هي الأحق بالتقديم وخدماتها الأجدر بالاعتماد ووزارة المالية تواجه الكثير من اللوم والإلحاح بل والفائض من الاتهامات عندما لا تستطيع أن تعطي هذه الجهات كل ما تريد لأنها لو فعلت لحرمت جهات أخرى من الاعتمادات التي تحتاج إليها وهي الأخرى تقدم خدماتها للمواطنين.

أمر ثالث ومهم: أن وزارة المالية معذورة عندما لا تعتمد بعض المشروعات لبعض الجهات لأن هذه الجهات إما أنها لم تنفذ ما اعتمد لها في ميزانية سابقة أو أنها لاحظت أن هذه الاعتمادات توجهت - بطريقة أو أخرى - إلى غير الهدف الذي يفترض أن تصب فيه أو أنه تم إهدارها بطريقة غير صحيحة.

وأخيراً: لاحظنا أن القطاع الخاص هو الآخر يعلق على شماعة وزارة المالية أي تأخير أو تقصير منه.. بل يمارس الضغط أحياناً للصرف بأي طريقة وبأي أسلوب، وأذكر عندما صدرت التعليمات بدعم (الأرز) وبعض المواد الأخرى وأراد بعض التجار أن يصرف لهم الدعم دون استكمال الشروط المطلوبة ليحقق هذا الدعم هدفه في توفير هذه المواد وبالسعر المعتدل.. إنه ليس من المعقول أن وزارة المالية تقدم هذا الدعم ليذهب إلى جيوب التجار دون أن يستفيد المستهلك شيئاً، لذا لا تثريب هنا على المالية بل لا بد أن تتثبت من الأمر فهذا (مال عام) ويجب أن يذهب في سبيل الهدف الذي اعتمد من أجله.

وبعد:

كان الله في عون وزارة المالية ومسؤوليها فهي تتصدى لمسؤولية كبيرة تلك هي: توزيع الموارد المالية على كل الجهات والمؤسسات بعدل واعتدال، ولو لم تفعل ذلك لما تم التوازن في إقامة منظومة مشروعات التنمية ومكتسباتها، ولما تم تقديم كافة الخدمات التي يريدها المواطن بحيث لا يحرم من خدمات وتتوفر له خدمات. إن المالية مسؤولة عن توفير الاعتمادات للتعليم مثلاً تماماً كما هي مسؤولة عن توفير الخدمات الصحية للمواطنين فهو كما يريد مدرسة فهو يريد مستشفى وهكذا إلخ..

ختاماً: وزارة المالية مثل (الشعير مأكول مذموم) كما يقول المثل.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5009 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد