تأكيد الأمم المتحدة على لسان ممثلها الخاص في أفغانستان مقتل تسعين مدنياً بينهم ستون طفلاً في قصف الجمعة الماضية، يجعل هذا البلد المنكوب أنموذجاً لكارثة وقوع المدنيين العزل كضحايا ومستهدفين في غمار الحروب التي تشعلها وتذكي نارها الأطماع السياسية والدولية, فكم سقط في أفغانستان من قتلى تحت قصف مزعوم لطالبان راح ضحيته الأطفال والنساء والشيوخ, وكم راح في العراق من ضحايا تحت عناوين القتل المذهبي والطائفي والاحتراب الأهلي وفي الصومال ولبنان والفلبين وغيرها من أصقاع الأرض التي تبلتى بكارثة الحرب، ليكتوي بنارها الأفراد ويذهبون ضحايا سادية العسكر وبطش المسلحين واستهانتهم بأرواح الأبرياء.
كما أن القتل ليس الجرم الوحيد في ظل النزاعات التي تلقى المسؤولية فيه على كاهل أرباب الحروب والنزاعات وتجار القلاقل, فالنزوح الجماعي والتشرد والاغتصاب والإفراغ الديمغرافي والذي وصل مثلاً في الفلبين إلى نزوح أكثر من 280 ألف من الجنوب خير دليل على تراكمية وتتابع دفع المدنيين ضريبة الحروب وفواتير كوارثها الإنسانية.
لقد سنت الاتفاقيات الدولية الكثير من القوانين التي تحفظ للأفراد الواقعين في إطار النزاعات حقوقهم وتحميهم من ويلات الحرب، وأكد القانون الدولي على ذلك بقوانين وتشريعات عدة، تتجاهلها عقليات الحرب ولا تعطي لها شأن، وهذا ما حتم الالتفات إلى مثل هذه الحالات من جانب الضمير الإنساني الذي يجب عليه أن يؤطر سياسته الدولية صوب ما يحمي أفراد المجتمع في مثل هذه الأوضاع ويضع حامل البندقية أمام مسؤولياته القانونية والجنائية سواء كان محتلاً كما هو في أفغانستان والعراق أو منضم إلى فصائل الاختلاف والفرقة الداخلية، والتحزب الداخلي الذي غالباً ما يكون أشد وطأة وقسوة وتظل ممارساته وانتهاكاته راسخة في الذاكرة الوطنية للشعوب والأفراد.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244