تشجيع السياحة الداخلية واجب وطني لمن يدرك أهمية السياحة الوطنية وفوائدها الثقافية والاقتصادية، لكن الخوف هو من إمكانية استغلال السياحة الوطنية، ومحاولة الإثراء على حساب المواطنين من قبل بعض رجال الأعمال الجشعين وتجار الشنطة المحتالين.. ولأنني ممن قدر له أن يتعامل مع إحدى تلك المؤسسات، وكان لي معها تجربة مؤسفة؛ فقد رأيت أنه من المهم أن أنبه من لم يقع في تلك المصيدة لعله يحذر، حتى لا يقع فيما وقعت فيه..
تبدأ أول فصول تلك اللعبة من خلال مندوبين ينتشرون في المجمعات الترفيهية والأسواق التجارية، ويعرضون على المتسوق المشاركة في تعبئة قسيمة مسابقة سياحية مجانية.. ثم بعد يوم أو يومين يفاجأ المتسابق سواءً كان رجلاً أو امرأة أو طفلاً بمهاتفة تبشره بأنه قد فاز بجائزة مغرية تتمثل في حصوله على إقامة مجانية ليومين أو ثلاثة في شاليه ملكي، أو فندق مجاور للحرم؛ كي يؤدي مناسك العمرة مجاناً!!
ثم بعد ذلك يبدأ الفصل الثاني، وهو دعوة الأسرة بأكملها إلى مقر المؤسسة لتتشرف باستلام أوراق الجائزة، حيث تحظى بالعصير الطازج، وتجد حسن الاستقبال وبراعة الاحتيال، وبعد ذلك يقوم مندوبون ماهرون بتقديم عرض سياحي يتمثل في وجود فرصة ذهبية، وبشرى سارة تتمثل في قدرة الشركة على إنقاذ السائح السعودي من غول الغلاء السياحي، وإعطائه تخفيضات كبيرة توفر له ما بين 30 إلى 50 بالمئة من التكلفة السنوية لإجازته داخل المملكة، فضلاً عن إراحته من مشاكل الحجز؛ لأن الشركة تتولى الحجوزات من خلال رقم مجاني يعطى للزبون الذي ما عليه إلاَّ أن يدفع مبلغاً نقدياً لا يقل عن عشرة آلاف ريال ليحصل على قسائم (كوبونات)، أو بطاقات إلكترونية تتضمن رصيده من النقاط يقدمها للفنادق والأجنحة المفروشة لينعم بالراحة والتوفير!!
لقد ثبت لي بعد تجربة حية مع إحدى هذه المؤسسات أن ما تعرضه تلك المؤسسات ليس إلاَّ هراء ودجلاً واستغلالاً للمواطن، فالجائزة الأولى ليست إلاَّ طُُعماً يستدرج من خلاله الزبون للوصول إلى مكتب الشركة، وإذا وصل تلقفته ألسنة السماسرة المدربين، لتزين له المميزات، وتضخم له الهدايا والمفاجآت، ثم عندما يريد استخدام تلك الهدايا يفاجأ بعراقيل تحول دون تنفيذها، منها أنه لا يجوز استخدام الهدايا الإسكانية المقدمة في عرض الهدايا إلاَّ لشخصين فقط، وأنها لا تستخدم أثناء الإجازات الصيفية والعطل الأسبوعية والرسمية!!
أما تسهيل الحجوزات فليس إلاَّ سراب ينتهي عند أول محاولة لأن خط الشركة المجاني يجيبك غالباً بعبارة: (مرحباً بك؛ المآمير مشغولون الآن). أما التخفيض فهو كذبة كبرى، فقد ثبت لي أكثر من مرة أن الأسعار التي يحصل عليها الزبون مباشرة هي الأسعار نفسها التي يسددها من خلال الكوبونات السياحية!!
كما أن من أهم عيوب تلك العروض؛ محدودية الأماكن التي تتعامل معها الشركة السياحية، وعدم تغطيتها لأكبر عدد من الفنادق والأماكن السياحية، فقد تتعامل مع ثلاثة فنادق أو أربعة فقط في مدينة كبيرة كمكة أو المدينة أو الطائف، وقد لا يوجد لها تعاملات البتة في مدن أخرى مما يفوت على الزبون إمكانية الاستفادة من اشتراكه في برنامج العطلات ويضطره إلى الحجز مباشرة والدفع نقداً.
وختاماً؛ فإنني أسوق هذه التجربة الشخصية لعل مسؤولاً في إدارة حماية المستهلك تنفعه الذكرى وتهمه مصلحة المواطن يحرك ساكناً، ويُشعر هذه المؤسسات الاستغلالية بأن هناك إدارة اسمها حماية المستهلك في وزارة التجارة، وأنها معنية بحفظ حقوق المواطن وكبح جماح المتلاعبين والمحتالين.