يحرص العقلاء ويجتهدون في تلمس الفرص ذات الجدوى، ويتسابقون في اقتناصها والاستثمار فيها، بل لوحظ أن البعض يأتي إلى البنوك قبل ساعات من بدء دوامها، يقف في صفوف طويلة منتظرا الدور لكي يكتتب في أسهم شركة أو مؤسسة أو بنك، وهذا من الطبائع المتأصلة في النفس البشرية، فحب المال والاستزادة منه طبع بشري أصيل، قال الله تعالى {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}(20)سورة الفجر، فالإنسان يحب اقتناء المال وجمعه حبا كثيرا جدا. وبعد أيام سوف تحين فرصة استثمارية كبيرة جدا، تفوق المال قدرا ومكانة، أجزم أن كل من حباه الله ذرة من العقل أنه لن يضيع الاستثمار فيها، لا سيما وأن فرص النجاح والفوز بأكبر كم من الأسهم متحققة وبدرجة عالية تفوق كل التوقعات والأمنيات، متى ما توفر الإخلاص والإصرار والعزيمة على التواصل مع مجالات الخير في هذه الفرصة.
إنه شهر رمضان الكريم، شهر الأعداء فيه مكبلون مقهورون، والأبواب فيه مشرعة ينادي عليها المنادي: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، في هذا الشهر أبواب كثيرة للاستثمار، ولكل باب طعمه ومتعته، ولا يمكن لأي داخل من أي باب إلا ويخرج منه فائزا.
ففي باب الإمساك عن الطعام، تعبد لله وانقياد له بالطاعة، وفيه فوائد صحية ونفسية جمة، ففي الإمساك عن الطعام في فترة زمنية منتظمة طوال شهر كامل، إراحة لأجهزة الهضم، وإعادة لترميمها، وإصلاح ما لحق بها من أذى وأضرار، خلال عام كامل من الأكل غير المنظم، وغير المنتظم بل والفاسد أحيانا، وفيه يتخلص الجسم من السموم والشحوم، ويتخلص من العادات الضارة من تدخين و(تشييش)، أو مخدرات ومسكرات، أما الفائدة النفسية فتتجلى في تعويد النفس وترويضها على فضيلة الصبر، والصبر منارة تضيء لمن يتعاهد إيقادها بعزائم الأمور، إنه الفضيلة التي اقترنت بكل المحامد والفضائل والبشائر.
وفي قراءة القرآن الكريم تعبد لله وفيها أجر عظيم يتجلى في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) رواه الترمذي.
وفي صلاة التروايح وقيام الليل، ما يريح النفس، ويجدد الإيمان فيها، ويغذي ينابيع الطمأنينة والخشوع والخشية، ويزيد من مظاهر التضرع بين يدي الله سبحانه طلبا للرحمة والمغفرة.
وفي هذا الشهر الكريم فرصة للإعراض عن أعراض الناس، وتطهير الألسنة عن أكل لحومهم، وهي سمة بغيضة منكرة، تعودت عليها وبشراهة نفوس مريضة، فأضحت تلك السمة مائدة مستساغة في كثير من المجالس، وهي سمة بشعة تأباها النفوس السليمة، فقد شبه الله المستسيغين لها كمن يأكل لحم أخيه ميتا، وهو بلا شك أمر مكروه غير مقبول. إنها فرصة للاستثمار، فهل من مستثمر؟.