الحوار المنعقد في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية، والذي يضاف كجولة جيدة إلى ما سبقه من حوارات، توضح مدى الخلل الذي يعاني منه الصف الفلسطيني، وأيضاً مدى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق ألوان الطيف السياسي الفلسطيني من أجل الإسراع لتوحيد الكلمة ورأب الصدع ولم شمل القضية بعد أن أدت إلى تشتيته أهواء الايديولوجيات المتباينة وطموحات التقوقع السياسي والحزبي.
فالسلاح المقاوم الذي تحول من نحور الاعداء إلى ظهور الأشقاء وضاعت بوصلته يجب أن توجد له مقومات الإرادة والتحكم التي توحده وتجعله عامل ضغط على العدو بدلاً من تحويلة إلى عنصر فرقة وخلاف بين أشقاء النضال ورفقاء البندقية المقاومة، كما أن الشعب الفلسطيني وبكل ما يعانيه من بطش إسرائيل وعنجهيتها والذي يدعمه الخلاف الفلسطيني قد اصبح الضحية الأولى ووقع بين سندان العصى الغليظة لإسرائيل وبين مطرقة الضغط الاجتماعي والسياسي الناتج عن الاحتدام الأهلي داخل مكونات الواقع الفلسطيني، والمستفيد من كل هذه الأوضاع هي إسرائيل التي تجيد اللعب بكل تلك الأوراق وتوظيفها لخدمة استراتيجياتها وأجندات متطرفيها الخاصة، ولعل ما يحيط بالمسجد الأقصى من مخاطر في غياب العقل الفلسطيني وانشغاله عنه بمزايدات السياسة خير دليل على ذلك.
يجب على الاخوة المتحاورين في القاهرة الجنوح إلى نوع من التجرد من الذات المرتبطة بقناعات الايديولوجيا والتحزب والهرولة سريعاً إلى مشروع وطني جامع يوحد الكلمة وينظم السلاح ويحدد وقت وطريقة توجيه بوصلتة حتى لا يتحول إلى عبء جديد عليهم، إضافة إلى ما يعانونه من أعباء خلقتها مفاهيم التحزب والتقوقع الحزبي وقناعات الإقصاء والتهميش التي إن استمرت بين ظهرانيهم فلن تقود إلا إلى تهميش قضيتهم وإقصائها عن الحل.