يعد هذا الكتاب من الكتب الجادة والعلمية في الطرح والتناول، إذ نظر المؤلف وهو بروفيسور في علم الاجتماع إلى فئة الشباب في المملكة العربية السعودية، وذلك بطريقته البانورامية حيث نظر المؤلف إلى الشباب من زاوية علمية وتربوية واجتماعية وسطر ببراعة المتطاول مشاكل شبابية تعترض حياتهم والكتاب من مطبوعات مؤسسة الملك خالد الخيرية وهو يقع في (255) ورقة مسلية، والطبعة التي أعمل عليها هي الأولى لعام 1426هـ/2005م. هذا وقد سطرت المؤسسة الخيرية كلاماً جميلاً، عددت فيه أهدافها.
فجاءت لتقول: (جاء إدراك المؤسسة أن الدراسات والبحوث أحد الطرق التي تحقق أهداف الملك الصالح، والتي من شأنها رفع المستوى الثقافي والاجتماعي حتى تصل رسالتها الحديثة في العمل الخيري، وتسعى المؤسسة بإصداراتها المتنوعة إلى المساهمة في إثراء الجانب الثقافي، وتضعها أمام الباحثين والمتابعين لعلهم يجدون فيها ما يضيء ويضيف مع إيمان المؤسسة الكامل أن البحث العلمي أحد طرق الخير من أجل التغيير والتطوير).
هذا ومقدمة الكتاب جميلة جداً يقول المؤلف الفاضل في مستهلها: (أتمنى أن تقدم هذه الدراسة الاستكشافية أفكارا ومن ثم أسئلة محورية جادة بخصوص شباب المملكة العربية السعودية حتى تدفع إلى مزيد من الدراسات الاجتماعية والثقافية في العديد من القضايا والموضوعات المطروحة، والدراسات التي تقدمها لا تدعي أنها سعت إلى جعل الموضوعات والقضايا والمفاهيم التي ترتبط بالشباب موضع تأمل ومن ثم دعوة للاهتمام والدرس).
وتتناول الدراسة فئة الذكور وتشير في بعض المواضع إلى الفتيات ولكن الأهم هم الشباب وبخاصة من الذين تتراوح أعمارهم ما بين (14 سنة و35 سنة).
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه على مؤلف الكتاب بقوة وإلحاح هو كيفية تقسيمه لحياة الإنسان من وجهة نظر بانورامية؟ وتأتي الإجابة من المؤلف حينما يقبل الكتاب ويقدم نفسه للقراء الكرام، ويتمثل هذا في قوله: (نحن إجمالاً في هذه الدراسة نقسم حياة الإنسان من الناحية الاقتصادية إلى ثلاث مراحل: فمن كانت أعمارهم من الولادة إلى الثامنة عشرة نعدهم من أبناء العمر الأول، وهم إجمالاً من المعالين: أي ممن يعتمدون على عوائلهم في تلبية احتياجاتهم الضرورية، صحيح أن هناك فئة من صغار السن ممن يدخلون تحت هذه الفئة العمرية، ممن يعملون وينتجون، لكن لصغر حجم هذه المجموعة فإنها لن تدرس هنا، ونظراً إلى اهتمام الحكومة بتقديم أنواع العون والمساعدة كافة من تعليم مجاني وغير ذلك من خدمات طبية أو ضمانات اجتماعية للفقراء، لم تعد هناك حاجة لعمالة الأطفال إجمالاً، أما أن تكون أعمارهم من (18-60 سنة) فهم يعدون الفئة العمرية الثانية وهي الفئة المنتجة التي تقوم بإعالة من حولها من أفراد الأسرة، وهناك الفئة العمرية الثالثة، وهم يشكلون كبار السن من المتقاعدين وغيرهم، وهم فئة معالة تحتاج إلى من يقوم على خدماتها ورعايتها، وهذه الفئة العمرية تتزايد نسبتها، وستعتمد كثيراً وبشكل ملحوظ على الفئة العمرية الثانية في العقود القادمة، وهو ما قد يتطلب تغيرات اجتماعية ثقافية بين الفئات العمرية وخصوصاً. بين كبار السن ومن سواهم).
ويرى مؤلفنا أن الحاضن الأساسي لهذه الفئة هو ما يتضح من قوله: (ولما كانت المدرسة هي المؤسسة الحديثة الأساسية المشكلة للقيم المحمودة للتصورات والمفاهيم ستهتم بدراسة أثر التمدرس في بلورة عمليات تنشئة اجتماعية رسمية، لعل من أهم أهدافها تشكيل صورة المواطن السعودي الحديث القادر على المشاركة والمساهمة بشكل فعّال في حياة المجتمع).
وهنا يقف المؤلف على دور المدرسة المهم، وهي النقطة الأساسية الفاعلة في تشكيل جيل ناجح منشئ وصاعد، والمدرسة هي نقطة البحث سواء بمنهجيها العمليين التاليين: (1) المنهج الحقيقي من كتاب ودفتر ومعلم ومسؤول. (2) المنهج الخفي الذي يتمثل في رسم صور الطلاب بعضهم لبعض، وتبادل الأحاديث وهي في حد ذاتها الأحداث الثقافية اللامنهجية، ومن خلالها وعبرها ينبع المنهج الخفي وهو يتمثل مبنى الفصل، وبناء المدرسة، والموظف البسيط، والمشرف الاجتماعي، والمرشد النفسي، هؤلاء جميعاً يشكلون منهجاً ظاهراً أو خافياً في تأسيس وبناء شخصية الطالب الدارس للعلم والباحث عن الحقائق العلمية والتعليمية والتي من خلالها نرى طالباً مثالياً أو طالباً كسولاً، وهذا المنهج الخفي واللاصفي أحسن من يفيدنا فيه هو المؤلف نفسه، وقد أدرك بحكمته وحنكته ودرايته هذا الدور المهم للمدرسة بمنهجيها المتلاصقين في إعداد الطالب إعداداً علمياً ليكون مواطناً لا صالحاً فقط، بل وأيضاً فاعلاً، وما تقدم اليابان بعد حروب طاحنة عقيمة إلا التركيز على حضانة الطالب المدرسي في كل مراحله.
ص. ب 54753 - الرياض 11524
فاكس: 2177739
bent_alaasha@hotmail.com