قبل أن تعتمد من قبل المقام السامي الكريم وكالة الشؤون الثقافية لتشكل مع وكالة الشؤون الإعلامية الحقيبة الوزارية للثقافة والإعلام..كانت أصوات المثقفين بكافة أطيافهم وتوجهاتهم.. تنادي بإقرارها.. ضمن مؤسسات الدولة الرسمية.. كانت الأحلام حينها تتشكل وفق نماذج عربية وعالمية يرون نجاحها بصورة عامة لم تأخذ في الحسبان واقع ما نعيشه من بكورية تكوين في مختلف تفاصيلنا الحياتية العامة بما فيها الثقافة..
أقرت الوكالة الثقافية.. وعين رأس الهرم فيها.. فكان ابن الثقافة وصديق المثقفين المتماس مع جلّ تياراتها واتجاهاتها بعقلانية لا تفقده شكل الوجدان فيه.. واتزان يعزز حضور المهابة معه.. وهو الدكتور عبدالعزيز بن محمد السبيل..
أتذكر أننا في (الثقافية) قدمنا ملفاً خاصاً بمناسبة تعيينه وكيلاً لوكالة الشؤون الثقافية بوزارة الثقافة والإعلام.. استكتبنا له وحوله عدداً من المثقفين والمعنيين بالهم الثقافي.. وكانت مشاركاتهم مزيجاً من ترحيب وإشادة ومطالبة.. تركزت كما تبين لاحقاً حول الأندية الأدبية.. أو كما كانت تسمى (الأبدية).. وحُلّ جُل مجالس إداراتها، حيث تم تعيين أعضاء مجالس الإدارات الجديدة ليتم انتخاب رؤسائها من قبل أعضاء مجالس الإدارات المعينة.. هذه الطريقة لم ترق للكثير من المثقفين والمعنيين بهموم الثقافة.. وطالبوا بتفعيل نص لائحة عمل الأندية الأدبية الأساسي..
كانت إجابة الدكتور السبيل تأتي في كل مرّة يتم فيها التطرق لهذا الأمر بصورة واضحة ومباشرة للغاية: من ينتخب من؟؟ كيف لنا أن نصل إلى قوائم المرشحين والناخبين دون أن نعد الاشتراطات الأولية لهذا العمل؟؟ نحتاج أولاً إلى جمعيات عمومية وتشكيلات أساسية.. تمكننا من تفعيل النص الأساسي للائحة التنظيمية وفق الطرق الإجرائية المتبعة..
مضت الأيام.. وشهدنا حراكاً ثقافياً عاماً تمثل في عدد من المظاهر.. أبرزها معرض الرياض الدولي للكتاب الذي انتقل من ملاك وزارة التعليم العالي إلى ملاك وزارة الثقافة والإعلام.. وكذا انتقال المكتبات العامة إليها عن ملاك وزارة التربية والتعليم.. بالإضافة إلى حكاية الأندية الأدبية كما أسلفت.. أضيف فقط جانب نشاطها المتمثل في عقد الملتقيات الخاصة لدى بعض الأندية كالباحة وجدة والقصيم وجازان والمدينة ونحوها..
مع هذا كله ننتهي إلى واقع ثقافي دون المستوى ودون أن يصل إلى بعض الأحلام لا كلها..والسؤال: لماذا؟؟
كنت أتمنى أن تكون الإجابة من السهولة والتلقائية إلى أنني أقول.. إنها العصا التي ليس بمقدور الدكتور السبيل أن يملكها ليغير واقع ما هو لدينا.. لكنه عبدالعزيز السبيل ولا يملك عصا موسى..!!
كيف لعبدالعزيز السبيل أو كيف لأي كائن ما كان.. أن يصنع مستحيلاً ما لا يمكن صنعه لتغيير شكل الحياة فينا.. حتى بتلك الانتخابات التي غدت شماعة من لا شماعة له.. فحتى بوهم الانتخابات يا سادة لن يتغير في الأمر شي.. إنه حالنا الثقافي السقيم.. وواقعنا المجتمعي المترهل.. تخيلوا.. وسط ثقافي يُسمى (نخبة) هو في الأصل (ثُلة)..متوحدة لا متّحدة..ونحلم في آخر الليل بافلاطونية ثقافية!!
لكي نحقق بعض شكل الحلم فينا.. نحتاج يا سادة إلى استراتيجيات متينة.. الوكالة الثقافية ضمنها أحد المحاور لا كلها.. نحتاج لكي نعزز الثقافة لدينا إلى تغيير شكل الثقافة الاجتماعية القائم أصلاً.. نحتاج لكي نكون فعلاً لا حلماً..أن تكون الثقافة شكل حياة لا مجرد وكالة ثقافة ضمن حقيبة وزارية بالمناصفة..
عبدالعزيز السبيل.. شكراً من أعماق التقدير رغم افتقارك إلى معجزات التغيير!
Aldihaya2004@hotmail.com