1) نحن.. والإرهاب
- وجه لي ذات مرة سؤال عن الإرهاب وكيف الخلاص منه، وسؤال كهذا ملغوم بالمعاني والرؤى يحتاج تفتيته إلى قدراتٍ ومواهب وصبرٍ لا ينافسه إلا صبر أيوب!
* *
- قلت معلقاً:
- إنه سؤال مفخخ بالغم يفتقر التعامل معه إلى كتاب يحمل وصفه كاملة لتفكيكه وتفنيده والرد عليه، وأقول لكم باختصار شديد وصراحة أشد:
* *
- كنا بخير.. قبل ظهور (لوثة الغلو الديني) وما استصحبت من شعارات وطروحات وتأويلات متطرفة تحض على هدر الدم البريء وغير البريء باسم الجهاد، بدءاً بأفغانستان وانتهاءً بالعراق الجريح!
- كنا يا إخوتي في الإسلام والعروبة والوطن في سلام ووئام قبل أن يتلوث فضاؤنا بسحب من الشؤم تتزر بالتقى، ومن خلالها خرج من يزعم أنه يضع أقدام البسطاء والسفهاء من أفئدتنا على (أبواب الجنة)، غلواً وتغريراً، مستغلاً بذلك نقاء سرائر البعض.. وفساد ضمائر البعض الآخر، ثم كان من أمرنا ما كان، وغدا الإرهاب بعد ذلك مفردةً حزينة في حياتنا، وبات التحصن من أدرانه جزءاً من (كابوسٍ) يومي نشهده في شوارعنا وبعض مرافقنا العامة!!
* *
- تسألني بعد ذلك كيف تسلل الإرهاب إلى مجتمعنا، وأرد عليك بسؤال بالحجم نفسه:
- كيف عَشَت أبصارنا، فلم نر الضرَّ يسعى بين أيدينا ومن خلفنا؟!
- كيف تسلل (فيروس) الإرهاب إلى أفئدة البعض منا، فاختلط في حضوره عطر البراءة بعفن الخبث؟!
- كيف صُمَّت آذاننا، فلم نسمع فحيح الأفاعي تدبُّ تحت أقدامنا؟!
- كيف صمتت ألسنتنا فلم يُصرّ كثيرون منا على رفع الأصوات بقوة ضد شبح الإرهاب قبل أن تطأ أقدامه أرضنا، بل كان فينا، واحسرتاه، (المعتذرُ) له، والمتستر عليه والمتعاطف معه، تمويلاً وتأييداً؟!
* *
- اللهم يا رب السموات والأرض، احم أرضنا وأهلنا من فتنة الإرهاب وشر ممارسيه والمبشرين به، اللهم ارحم جندنا والأبرياء منا الذين سقطوا بسببه في ميدان الشهادة شهداء، واجعل يا رب جنة الخلد مثواهم!
* *
2) مدرسة اليمامة الثانوية
- يختزن خاطري لثانوية اليمامة.. أطيافاً جميلة من الذكريات لا تبرحه مهما تقدم بي العمر أو شاخت الذاكرة.. وبعدت مسافات الزمن، فهي لم تكن مدرسةً عاديةً بالنسبة لي، إذ تنفس من خلالها عقلي هرباً من الصدأ، وتحرر بين جدرانها لساني فراراً من عقدة الصمت، وتقلد قلمي عبر كراسة إنشائها قلادة الركض أدبياً قبل أن يتسلل إلى (بلاط) الحرف الجميل بخفر وحذر، ثم يتحول ذلك التسلل إلى عشقٍ للأدب ما برح يضرب أطنابه في نفسي حتى اليوم!
* *
- وعندما تقرر قبل سنين هدم مبنى اليمامة الثانوية في قلب مدينة الرياض ضمن أعمال إنشاء مركز الملك عبدالعزيز الحضاري، تألمت، وترجمت ألمي في مقال رجوت فيه سمو سيدي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض -حفظه الله- أن يوجه بإقامة نصبٍ رمزي تذكاري في موقع تلك المدرسة، ليكون شاهداً على ذلك الموقع ومخلداً لذكراه، وعلى أي حال، ذهب مبنى اليمامة لغرض أسمى، وبقيت شعلة ذكراها متقدةً في القلوب تتحدى النسيان!
* *
3) المرأة.. زاد الوجود!
- سئلت مرةً في لقاء شامل مع إحدى المطبوعات العربية عن نظرتي للمرأة، وهل أنا ممن ينتصر لها أو عليها، وقد تعاملت مع ذلك السؤال انطلاقاً من قناعتي بأن المرأة هي الوجه الآخر المكمل للوجود الإنساني وبدونها لا تكون الحياة حياةً، وبها، تزدحم ساحة العيش بأطياف متباينة تتناثر على شطآنها مفردات الحب والكراهية، والسعادة والشقاء، والقبح والجمال، ومن خلال المرأة، يجد الرجل ظله وسعادته وبقاءه، ومع الرجل تكتشف المرأة مكانها ومكانتها حساً وإحساساً وبقاءً!
* *
- والمرأة قبل كل شيء وبعد كل شيء، مفردة جميلة تتناغم مع كل أطياف حياتنا، فهي الأم والزوجة والحبيبة، وهي الأخت والخالة والحماة والعمة وغير ذلك من (كيمياء) القربى الإنسانية لا نملك الهروب منها.. إلا إليها! ومن ثم، كيف لا أنصرها وأناصر قضاياها ما دامت تلتزم بالحق، فيما تقوله أو تفعله بما لا يخالف الضوابط التي يكون بها المرء السوي سوياً!
* *
- باختصار، المرأة زاد للرجل وهو زاد لها، وكل منهما مكمل لبقاء الآخر وفلاحه، بهما تكمل معادلة الحياة، وبدون أي منهما لا قيمة للعيش ولا طعم له ولا حياة!