بعد أيام قليلة يهل علينا شهر رمضان المبارك، لتتكرر معه تلك الظاهرة التي تهل معه في كل عام, وتنشط في أيامه الفضيلة, ونعني بها ظاهرة التسول والارتزاق على حساب روحانيات هذا الشهر وإقبال الناس فيه على فعل الخير والتصدق وإخراج الزكاة، حيث تفجر عصابات مافيا التسول كل طاقتها الإدارية والبشرية وتنشر كل كوادرها المدربة على استدرار العطف من أفراد المجتمع لأجل نشل أكبر قدر من (غلة الموسم قبل انقضاء أيامه).
ولكي نوضح مدى خطر هذه الظاهرة على المجتمع وعلى سلم قيمه ودورها في خلط المفاهيم نورد بعض الإحصاءات والدراسات التي أكدت: أن 94% من الأطفال المتسولين ممن هم في وضعية الاتجار بهم من قبل عصابات خارجية، مولودون خارج المملكة وأن 54% منهم دخلوا عن طريق وسيط. وتوضح دراسة أخرى أن 15% دخلوا عن طريق الأم وذات النسبة عن طريق أقرباء ونحو 12% عن طريق الأب، وفي حالات شاذة لا تتعدى 3% دخل الأطفال بمفردهم. وغير ذلك الكثير من الحقائق التي تكشف زيف هذا الأسلوب واتخاذه من قبل أربابه كمشروع تجاري وموسم حصاد يعوض كساد ما يسبقه من الأيام. لقد بذلت الدولة والأجهزة المختصة كل الجهود المطلوبة منها سواء من خلال مكافحة هذه الظاهرة ووضع العقوبات الخاصة بها, أو من خلال تقنين وتنظيم مداخل استقبال الصدقات والزكوات التي يرغب المحسنون في بذلها، وما بقي من الأمر يقع على عاتق المواطن نفسه الذي يجب أن لا يكون عوناً لتلك المافيات والعصابات، من خلال خضوعه لأساليب المتسولين وخططهم المحكمة, وهنا مربط الفرس في تحمل المسؤولية الاجتماعية من خلال مساندة الجهات الرسمية في مكافحة وإبطال هذه المشكلة الاجتماعية التي يطالب الفرد بلعب دوره فيها من خلال القناعة والمسؤولية وقبل ذلك التفكير.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244