طهران - أحمد مصطفى
الزائر لإيران هذه الأيام يلمس عن قرب الاختلافات والرؤى المتقاطعة على الصعيد السياسي والاجتماعي؛ والحقيقة أن التقاطعات لا تقتصر على رجال الحكم وتصريحاتهم النارية فيما بينهم بل تصل إلى الحياة المعيشية للناس حتى أن صورة المشهد الإيراني الجديدة هي صورة مشوشة لا تكاد تعثر على حقيقة (ما)؛ ففي ظل ما تحمله الصورة من فتوحات النووية وحرب الصواريخ لعصر الرئيس نجاد والافتخار بأن حكومته أول حكومة اطلقت قمراً اصطناعياً؛ تقابله في الجانب الآخر من الصورة مشهد الخطر المحدق لمرض الكوليرا، والذي بدأ كقنبلة موقوته تسعى للفتك بالأخضر واليابس؛ الخطر المحدق هو انتشار وباء الكوليرا في مدينة قم وطهران؛ وتقول التقارير إن المرض أصاب 128 شخصاً ووفاة 4 وأن المراكز المختصة أحصيت 64 إصابة في مدينة قم و41 إصابة في العاصمة طهران.
وطلب مسؤولون محليون من سكان قم عدم الاختلاط بالأجانب ولا سيما الأفغان والعراقيين والباكستانيين الذين يزورون بأعداد كبيرة هذه المدينة.
وفي مطالعة دقيقة للحدثين يلاحظ المراقبون أن ما تحقق في الحدث الأول لا يتناسب أبداً ما يحدث في قم ومدن إيران حيث الفاجعة الإنسانية والزحف الأسود لمرض خطير يفتك بالأخضر واليابس. ورغم أن الدول ذوات المستوى الصحي قد غادرت المرض وبات من الماضي إلا أن هذا الزائر البغيض أخذ يطل برأسه على إيران التي تدعي بالتطور والرقي وكل يوم تعلن عن تجربة علمية حتى أنها أعلنت بأنها سترسل وفداً إلى الفضاء في السنوات العشر؛ ويعتقد رحيم أصفهاني ( محلل إيراني) بأن الإيرانيين لا يهمهم شيء الآن في إيران سوى الركض للحصول على قوتهم، وأضاف أن تلك الأخبار لا يقرأها الشارع الإيراني وأن المشكلات الاقتصادية قد سرقت الإيرانيين فلا أحد يتابع شعارات نجاد وإنجازاته لأنهم غسلوا أيديهم من الوعود التي وعد فيها الإيرانيين فلا تحسن في الوضع الاقتصادي ولا قرار صائب.
من جانبه أكد صادق محمديان (باحث إيراني) أن انتشار مرض الكوليرا في طهران وقم جاء بسبب التلوث في مياه الشرب وتردي الأوضاع الصحية والثقافية، وأضاف أن الحكومة لم تتمكن من تقديم خدمات أفضل للمواطنين وأن الحكومة وبدلاً من الالتفات إلى مشكلات الناس في الداخل راحت تخوض سباقاً تسليحياً وأخذت بالإنفاق على المشروعات لا أحد يعرف بنتائجها، وتابع: ما فائدة حرب الصواريخ وما فائدة النووي إذا بقيت بطوننا خاوية وإذا انتشرت الأمراض والفوضى؟ وأكد أن الحكومة الجيدة هي الحكومة التي تعتني بمواطنيها وليس الحكومة التي تحارب الناس في لقمة الخبز.