الاتفاق الذي توصل إليه المفاوضون العراقيون والامريكيون حول انسحاب القوات الامريكية بنهاية عام2011م واستباق ذلك بسحب القوات الامريكية من المدن بحلول حزيران 2009م, يجعل الانظار تتجه إلى استشراف مستقبل العراق مابعد رحيل عساكر القوات الامريكية، ومقومات الوضع الأمني والسياسي في ظل انتشار ثقافة القتل والتواجد المسلح الذي يمثل برميل بارود جاهزا للانفجار في أي وقت مع وصول أول شرارة تحملها ريح الطائفية أو الطموحات الفئوية والنزعات الانفصالية. يتطلب وضع مابعد الانسحاب الإعداد من الآن لتلك المرحلة وتدعيمها بأساسيات السلم الأهلي ونشر ثقافة الوطن الأم التي لا يعلو فوق عنوانها أية هوامش في صحفة الوطن، وذاك ما يتم بالابتعاد عن التقوقع الطائفي والانجراف خلف المغازلات المذهبية القادمة من الخارج والتي تبحث عن أحصنة طروادة لتمتطيها للولوج إلى ارض الوطن وتحويلها إلى مجال حيوي في مصادمات الفضاء الدولي، كما أن النزعة الانفصالية التي تغذيها طموحات بعض القوى والاثنيات السياسية في داخل البلاد يجب أن يلجم حصانها. إما عن طريق التشريعات الدستورية والسياسية التي تحفظ الحقوق للجميع أو عبر قطع الطريق أمام تلك الآفة بكل الوسائل والطرق المطلوبة.
امتحان صعب وعسير ستقذف الأيام بأوراقة على طاولة العراقيين شعباً وحكومة ومجتمعا يحتاج إلى الاستذكار من الآن وحفظ الدروس الماضية جيداً حتى لا يفشل الجميع ويضطر العراق إلى اعادة السنين الفائتة في مدرسة العنف والقتل على الهوية واحتكار الحقيقة التي مزقت البلاد وشتت مجتمعها في ظل تواجد المحتل الامريكي وعصاه الغليظة، فكيف إذا هرول تاركاً خلفه تراكميات سنين الاحتلال والاحتقان الحاد في جسد الوطن.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244