هناك وجهاء.. وهناك رجال أعمال.. وهناك شخصيات يضعون لهم مجلساً.. إما يومياً.. أو أسبوعياً.. أو أقل أو أكثر من ذلك.. يجتمع فيه مجموعة من الناس.. يتحدثون ويتحاورون.. أو على الأقل.. (يسولفون) مجرد سواليف وسعة صدر و(فنجال وعلوم رجال.. بعيداً عن الهموم والغموم والمشاكل فهي مجالس قد تكون مجرد (قهوة وشاي) وفي الغالب (عشاء) حافل.. وهذا ما يجذب البعض.
** هذه المجالس.. تستقطب الناس.. والباب مفتوح للجميع.. كل شخص بوسعه أن يدخل ويجلس ويسولف ويأكل ويمشي متى شاء.. دون أن يكون هناك ضوابط أو قيود أو انتقاء..
** هناك بالفعل.. من همه وهاجسه كل يوم.. التنقل من مجلس لآخر فهو يضبط جدوله الأسبوعي على هذه المجالس.. وهو (عارف) بدقة.. أين يذهب كل يوم.. وأين سيلتهم العشاء.. فوجبة العشاء محسوم أمرها..
** نعم.. هناك وجوه تشاهدهم في كل مجلس..
* هم نفس الوجوه.. وهم الذين يشغلون هذه المجالس.. وهم الذين يتكفلون بأكل العشاء.. وهم الذين (يهذرون) في كل مجلس بسواليف مكرورة معروفة مرددة ألف مرة.. وما يقوله هنا.. يكرره هناك.. وإذا لم يضحك أحد.. ضحكوا هم.
** المجالس التي فيها العشاء.. تجد إقبالاً أكبر.. وبالذات إذا كان العشاء (دسماً) فإنهم لا يفوتونه أبداً.. ولا يمكن بأي حال.. أن يترك هذا المجلس.. حتى لو مرض أو ارتفع السكر.. فهو (متعهد) بالتهام العشاء.
** هم مواظبون على هذه المجالس.. ولا يمكن أن يسجلوا غياباً.. وهم أحد أبرز أسباب مقاطعة الكثير لهذه المجالس.. والناس عادة.. تترك التزاماتها ومشاغلها وارتباطاتها.. حتى الأسرية.. لتبحث عن فائدة في تلك المجالس.
** تريد أن تعود بنفع.. تريد أن تستفيد وليست المسألة مسألة تقطيع وقت.. أو التهام العشاء أو (اشْرَبْ.. وكُل وتاغِر.. وامْسِك الباب).
** الناس.. تريد حوارات نافعة مفيدة..
** تريد أن تستفيد بالفعل وتشغل الوقت بما ينفعها.. وهؤلاء.. يظنون أن هذه المجالس.. هي مجردة لقتل الوقت فقط.. وللتجمع لمجرد التجمع.. والسواليف والهذر.. وليست أكثر من ذلك.
** وهكذا أحياناً.. الاستراحات المفتوحة.. تشهد في أكثر الأحيان.. ضيوفاً من هذا النوع الذي يحضر لمجرد العشاء وقتل الوقت.. فلا نفع فيه ولا نفع منه ولا فائدة.. بل بمجرد التهام العشاء.. يلحس يده.. ويمر على (تبْسِي الجح).. ولا ينسى كرتون الماء.. ليضع في جيبه علبتين ثم (يِخِتْ) دون أن يقول حتى تصبحون على خير..!
** ولذلك.. فإن أصحاب الاستراحات (يُبكِّرون) بالعشاء أحياناً.. من أجل أن ينصرف هؤلاء مبكرين ويستريحون منهم.
** هذا الصنف من الناس.. صار مشهوراً بين الناس.. إن شغلته أو عمله.. أو التزامه اليومي.. هو التنقل بين هذه المجالس.. حتى صارت الناس تعرف أن فلاناً من الناس.. سيكون السبت هنا.. والأحد هناك.. والاثنين في المكان الفلاني.
** كما صارت تعرف الناس أيضاً.. أن رواد هذا المجلس كل يوم أو كل أسبوع.. هم فلان وفلان وفلان فقط لا غير.
** نعم.. هذا الشخص أو ذاك هو (مرتاد للمجالس)..
أو كما يقول أصحاب هذه المجالس من باب المجاملة (أبو فلان راعي مَحَلْ) بدلاً من قولهم (عِلِّةٍ مْطاوْلِة) أو (فلان نِشْبِه) أو (لزقة جونسون)..!
** بعض هؤلاء المتنقلين بين المجالس والاستراحات.. يملكون الملايين ويملكون العمارات و(البلكات) ومع هذا.. لا يعرفون كلمة (اقْلطْ).
** ومع هذا البخل.. وثقالة الدم.. تجدهم (يَرْتَزوُّن) في رأس المجلس وهم أول من (يربض) على سفرة الطعام.. لأن الوجه (مغسول بْمَرَق) وكل همه.. هو (مَلِيْ) هالبطن فقط.. وكلام الناس (يطير به الهوا).