حاوره - عبدالله البراك - تصوير - حسين الدوسري
تشكل صناعة التأمين مجالاً خصباً للاستثمار حيث تصل عائداتها على الشركات إلى مليارات الريالات، غير أن هذه الصناعة عانت من عوامل عدة من بينها عدم وجود التنظيمات الواضحة ونقص الكوادر الوطنية المؤهلة إضافة على عدم وعي المواطنين، وهي العوامل التي أدت إلى عدم تطور ونمو قطاع التأمين في المملكة لوقت طويل، إضافة إلى عدم المساهمة الفاعلة في دعم الاقتصاد الوطني. وهذه البنية أوجدت أرضية صالحة للانطلاق استغلتها شركات التأمين الأجنبية وساعدتها في تحقيق قدر من المنافع دونما اهتمام بالمخاطر التي قد يتعرض لها الوطن والمواطن، وبعد صدور نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني قامت مؤسسة النقد العربي السعودي بإعادة تنظيم هذا القطاع الحيوي الهام وفرض اللوائح والأنظمة التي ساعدت على إعادة الأمور إلى وضعها الصحيح الذي يضمن حقوق كافة الأطراف...
الجزيرة أجرت حواراً مع الأستاذ محمد بن عبدالعزيز الشايع مدير مراقبة التأمين في مؤسسة النقد العربي السعودي، حيث تم خلال الحوار تسليط الضوء على قضايا هامة ترتبط بقطاع التأمين في المملكة.
* عدد شركات التأمين ومقدار روؤس أموالها، هل يتناسب مع حجم ومتطلبات الاقتصاد السعودي؟
- هناك تفاوت في أحجام وروؤس أموال الشركات، حيث توجد شركات رؤوس أموالها تصل إلى 800 مليون ريال وأخرى رؤوس أموالها 100 مليون ريال، وهناك شركات تقع رؤوس أموالها بين الرقمين، وأعتقد أن العدد بالنسبة للشركات متوازن ويفي بمستلزمات السوق السنوات الخمس القادمة لوجود معدلات نمو كبيرة في سوق التأمين، وإذا اتضح أن عدد الشركات أكثر من الحاجة فإن آليات الاقتصاد الحر وآليات السوق قد يجبر تلك الشركات على الإندماج.
وسوف يكون هناك تشجيع لعمليات الاندماج إذا كانت في مصلحة السوق وليس لها تأثير على المنافسة. والأهم بالنسبة لنا هو منع الاحتكار، فمن واجب مؤسسة النقد محاربة الاحتكار وضمان عدالة الأسعار ووجود بيئة تنافسية صحية.
* كيف تستخدم الملاءة المالية لتقييم الشركات من قبل المؤسسة؟
- احتساب وتقدير الملاءة المالية لشركات التأمين يعتبر من أهم الإجراءات الإشرافية التي تقوم بها المؤسسة للتأكد من قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها، فإذا ما انخفض هامش الملاءة فهو إشارة للمؤسسة للتدخل وإنذار الشركة لكي تقوم بمعالجة الوضع أما عن طريق رفع رأس مالها أو التوقف عن استقطاب عملاء جدد. وفي اللائحة هناك عدة إجراءات ينبغي على الشركات التقيد بها لكي تحسن وضعها المالي.
* ولكن من يؤمن على المخاطر الكبيرة أو الضخمة؟ حيث من الملاحظ أن شركات التأمين تستهدف الأفراد وقطاع الأعمال المتوسطة نظراً لصغر رؤوس أموالها في حين أن هناك شركات ضخمة تتوجه إلى شركات أجنبية وعالمية لتؤمن لديها بسبب أن شركات التأمين المحلية لا تستطيع تحمل الخطر حيث إن التعويض كفيل بنسف شركة التأمين المحلية وإجبارها على الإفلاس؟
- يمكن لشركات التأمين المحلية (وهي تقوم فعلياً) بالتأمين على جزء مناسب من المخاطر الكبيرة. وهذه ممارسة معروفة في مجال التأمين حيث تقوم عدة شركات تأمين بتوزيع الخطر الكبير فيما بينها، وتقاسم الأقساط أيضاً حسب نسب المخاطر المتحملة. ونحن نشجع الشركات المحلية على تحمل جزء من المخاطر الكبيرة محلياً بشرط عدم وجود مخاطر على الشركة والمؤمن لهم.
* ولكن هل يتم منعهم؟
- نعم من الممكن أن نمنعهم إذا كان هناك خطر على الشركة أو المؤمن لهم.
* في حالة إفلاس إحدى شركات التأمين هل يتم تحويل العملاء إلى شركات أخرى مثل ما يحدث مع شركات الوساطة في الأسواق المالية؟
- العملية تختلف في هذه الحالة، حيث لا توجد رؤوس أموال هنا بل توجد التزامات على الشركات ولو أفلست شركة ? لا سمح الله ? في هذه الحالة فإن تحويل العملاء يتم حسب نوع التأمين وحسب قبول الطرف الآخر بشرط أن لا يضر بالشركة الأخرى والمؤمن لهم لديها. فمن الممكن أن تكون بالتراضي بين الشركتين وليست إجبارية، أما العقود الطويلة الأجل (منتجات الحماية والإدخار) فإنه في هذه الحالة يمكن أن تتدخل الدولة للبحث عن شركة أخرى بما لا يضر بتلك الشركة أو المؤمن لهم.
* هناك شركات تم ترخيصها كشركات تأمين وأيضاً كشركات إعادة التأمين، هل يسمح النظام بالجمع بين النشاطين؟
- نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني يسمح بذلك، وهذا أيضاً من الممارسات المعمول بها في نشاط التأمين.
* حسب الإعلان المنشور على موقع المؤسسة، هل الشركات المدرجة في السوق السعودي مهددة بالإيقاف؟
- الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية ليست هي المقصودة بالإعلان، وإنما المقصود هي الشركات الأجنبية.
* هل هناك مهلة لشركات المهن الحرة مثل الوسطاء والوكلاء؟
- شركات المهن الحرة تمارس النشاط بعد الحصول على التصريح ولم ولن تمنح مهلة زمنية.
* مع زيادة عدد التراخيص.. هل من الممكن رفع الحد الأدنى من رأس المال للشركات؟
- الحد الأدنى لرأس المال محدد بموجب نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني، ولا يمكن تعديله إلا بموجب النظام. أما رأس المال فيمكن زيادته إذا كان هناك حاجة فنية بذلك.
* هل تسمح المؤسسة لكل من استطاع توفير الحد الأدنى لرأس المال بممارسة النشاط؟
- صناعة التأمين ليست تجارة ولا يسمح لأحد أن يتاجر بالتأمين، فالتأمين صناعة تتعلق بأموال المؤمن لهم، وشركة التأمين مؤتمنة على هذه الأموال وليست ملكاً لها وهناك التزام مستقبلي يجب أن تفي فيه، ولذلك فهي لا تعمل بأموالها وإنما تأخذ أموالاً مدفوعة مقدماً، ولذلك فالمؤسسة تنظر عند دراسة الطلبات إلى عدة نواحٍ منها متطلبات رأس المال والإضافة للسوق والقدرة الفنية والإدارية... ألخ.
* بالنسبة للاحتياطي النظامي المطلوب من هذه الشركات نلاحظ في البنوك أن الودائع لدى المؤسسة تتغير حسب الإيداع، فماذا عن شركات التأمين وبند (مطالب متوقعة خلال السنة) فكيف يتم التعامل معها؟
- لو افترضنا أن هناك إيرادات بقيمة 100 مليون ريال ومصاريف قدرها 50 مليون ففي بعض الأحيان يأتي صاحب المنشأة إلى المحاسب القانوني ويتفقا حسب الضوابط بوضع مخصص بمقدار 10 ملايين فإننا نفترض أن صافي الأرباح مليون يخصم منها 20% احتياطي نظامي وهو ما يعادل 8 ملايين فيتبقى 32 مليون يمكن أن تحول إلى أرباح المبقاة أو توزع بالكامل أو تقسم بين أرباح مبقاة وبين التوزيع.
* هذا يعني أن بند (مطالب متوقعة خلال العام) يأتي في المخصصات وليس له حد معين؟
بالضبط وله حد أدنى.
* وماذا عن الحد الأعلى؟
- في الغالب أن الشركات تتقيد بالمخصصات، وحسب المادة 69 من اللائحة فإنه يتم مراعاة المخصصات النظامية ويوافق على زيادتها. أما إذا رأى المحاسب القانوني والخبير الاكتواري (وهم من خارج الشركة) أن الشركة بحاجة لزيادة هذه المخصصات ويمكن أن تتم مناقشة ذلك بين المؤسسة والمحاسب القانوني والخبير الاكتواري والشركة ليتم تعديل أي نقطة من نقاط الدراسة حسب وجهة نظر المؤسسة.
* ما هي مشكلة المحافظ المالية القديمة لدى الشركات التأمين؟
- هي ليست مشكلة وكل ما في الأمر أن هناك شركات كانت تعمل بالتأمين من قبل صدور النظام وهي شركات غير مرخصة في المملكة وكانت مرخصة في دول مجاورة وكانت تعمل عن طريق وكلاء, وعند صدور النظام صدرت بعده بفترة بسيطة مهلة من المقام السامي لهذه الشركات لتعديل أوضاعها بما يتوافق مع النظام وكانت المهلة ثلاث سنوات قمنا بتطبيق النظام ورخصنا للشركات على أنها شركات جديدة وبعضها بنفس ملاك الشركات القائمة قبل صدور النظام منهم من تقدموا مع غيرهم عند صدور النظام بطلب الإنشاء وطلبنا منهم إنشاء الشركات الجديدة أولاً من ثم يتم نقل المحافظ القديمة للشركات الجديدة كنقل محافظ فقط تقدر قيمتها وتباع للشركة الجديدة, وهذا كل ما في الأمر.
* ولكن.. لماذا لم يتم نقل المحافظ قبل تأسيس الشركات الجديدة وإضافة علاوة إصدار على سعر السهم من البداية؟
- لأنها كانت ستؤخر الموضوع حيث إن التقييم للمحافظ يأخذ وقتاً طويلاً والمؤسسة لن تسمح بقبول أي تقييم ما لم يكن تقييماً مهنياً وعادلاً.
* بالرغم من ذلك هناك من يتحدث عن ازدواجية في الملكية لهذه الشركات, باعتبار أنها كانت قائمة ولها ملاك وطرحت بشكل أسهم في سوق المال ويعمل على تشغيلها الملاك الأصليون؟
- هذا المفهوم خاطئ, الشركتان تمثلان كيانين مستقلين ومنفصلين تماماً والاشتراك فقط بجزء من الملاك, وغذا افترضنا أن هناك الشركة (A) وهي مسجلة في البحرين مثلاً وتعمل في السعودية ويملكها (محمد وصالح) وبعد صدور النظام تقدموا بطلب الترخيص وطلبت المؤسسة منهم إحضار خمسة مؤسسين حسب النظام على أن تكون هناك حصة مطروحة للاكتتاب وتم إخبارهم أن الشركة القديمة يمكن أن تدخل كشريك مؤسس فأصبحت الملكية في الشركة السعودية الجديدة:
الشركة (A) تملك 30%
محمد يملك 5%
صالح يملك 5%
مؤسس جديد يملك 5%
مؤسس جديد يملك 5%
الجمهور 50%
المجموع 100%
فهنا تأتي الشركة الجديدة (السعودية ) وتطلب من الشركة (البحرينية) أن تبيع له محفظتها الموجودة بالسوق السعودي وبما أن محمد وصالح والشركة (A)مالكين وشركاء في الشركة القديمة فالمؤسسة طلبت منهم تقييم موضوعي ومنطقي وعادل لكي توافق المؤسسة على عملية البيع، وهذه ليست مشكلة وعملية الإيقاف لا تستهدف الشركات السعودية الجديدة.
* ما هي المرجعية التي على أساسها تستقبل شكاوى المواطنين ضد تلاعب هذه الشركات؟
- هناك ثلاث لجان متخصصة لاستقبال الشكاوى واحدة في الرياض والثانية في جدة والثالثة في الدمام وكلها شكلت من قبل مجلس الوزراء وهذه اللجان تتولى عملية الفصل في المنازعات ما بين العملاء وشركات التأمين حسب المادة 20 من النظام وليس اللائحة.
* تم ذكر شركات إعادة التأمين ما هي الآلية التي يتم التعامل بها مع هذه الشركات؟ ومن والمعروف أن رؤوس أموالها أكبر من شركات التأمين، فهل تقومون بتوجيههم وهل يسمح لهم بالتعامل مع الشركات في الخارج؟
- المؤسسة لا توجه ولكن تساعد المستثمرين. وحول إعادة التأمين خارجياً فهو مسموح حسب المادة أربعين من اللائحة حيث ذكرت أن الشركات يسمح لها بإعادة التأمين بما يعادل 30% خارج المملكة وكحد أقصى 40% من قيمة التأمين.
* ما هو الفرق بين وكيل التأمين ووسيط التأمين؟
- الوكيل هو وكيل عن شركة التأمين ويقوم بتسويق منتجات الشركة لدى العملاء سواء كانوا أفراد أم شركات، فهو ممثل لشركة التأمين، أما الوسيط فهو العكس حيث إنه يقوم بتمثيل العميل لدى شركات التأمين وهو يبحث للعميل عن أفضل العروض.
* ارتفاع عدد شركات التأمين يدعو إلى تأهيل الشباب السعودي خاصة في ظل ارتفاع العمالة الأجنبية بها؟
- هناك برامج مقدمة من المعهد المصرفي وهناك تنسيق مباشر معهم حيث إننا نعقد اجتماعات مستمرة لوضع المناهج والخطط التعليمية والتأهيلية وهي تمثل البداية فقط لخطة طموحة وأن هذا الجهد الذي يقوم به المعهد وحده لا يكفي لسد حاجة السوق.
* وهل ترى أن هناك ضرورة لإيجاد تخصص أكاديمي في الجامعات في مجال التأمين؟
- نعم، وبمبادرة من جامعة الملك سعود تم التنسيق معهم بوضع مواد لتخصص جديد وهو البكالوريوس في التأمين كما أن لديهم بكالوريوس في العلوم الاكتوارية ودبلوم في التأمين وأعتقد أن كلية اليمامة لديهم برامج في التأمين وهناك آخرون لا تحضرني أسماؤهم.
* تلاحظ وجود تشابه في تصنيف الشركات مع التصنيف المستخدم في السندات، ما سبب ذلك؟
- بالنسبة (لمعيد) التأمين خارج المملكة هذا مطلوب، أما داخل المملكة فنحن على اطلاع ومعرفة بهذه الشركات فلا نحتاج إلى تصنيفها مع العلم أننا نحث الشركات على أن تصنف نفسها، فهذا يعتبر إيجابياً.
* أخيراً.. هل لدى إدارة التأمين مختصون للإشراف على الآليات المالية والمحاسبية في شركات التأمين؟
- المؤسسة لديها من الكفاءات البشرية المؤهلة ما يساعدها على أداء مهامها الإشرافية والرقابية بكل مهنية وكفاءة.
وبالنسبة للزملاء في مراقبة التأمين فغالبيتهم مؤهلون تأهيلاً مهنياً وعملياً لتنفيذ المهام الموكلة لهم، وهناك أكثر من زميل اجتازوا اختبارات شهادة المحاسب القانوني السعودية و الأمريكية وجميعهم على الأقل من حملة شهادة الماجستير في المحاسبة والمالية والاقتصاد.