لم يضع وقتا؛ فاختار اسما وهميا ذا دلالة ثقافية، وشاء أن يجرب الكتابة خلف قناع سميك، ووجد ضالته في موقع صحيفة محلية حيث الحوار محتدم حول قضية مجتمعية شائكة، وإذ تداخل بتعليق يتيم فقد أيقن أنه يسبح في فضاء خارج نطاق الجاذبية الاسمية والوسمية والرقابية.
أدرك أن لا عليه إن أساء أو أسيء إليه، وما عليه لو شاء مشاركةً تالية باسم جديد فبدل وعدل وغير وتغير، وما عليه لو استمرأ اللعبة فتنقل بين المواقع ليكون سلفيا هنا وليبراليا هناك، ومواليا هنا ومعارضا هناك، وبرًّا هنا وسفيها هناك.
كذا يصنع الضمير الغائب في وسط تصنفه الأدلجة، ويحكمه الأوصياء، وتوجهه (غزية) إن غوت أو رشدت؛ فتعتم وجوه، وتختلط ألوان، ونفتش عن قناع مناسب في الصباح وثان بعد الظهر وثالث في المساء.
لم يعد ممكنا فرض اسم أو رفض رمز، لكنها مسؤولية من تهمه الأمة لتربية جيل لا يخاف إلا الله؛ فيبدو واثقا، جريئا، متزنا، متوازنا، موضوعيا، رفيقا إن خاصم، عادلا إن حكم، صادقا مع داخله قبل قبيلته وميوله ومصالحه.
تنظير، ولا ريب، لكنه مهم؛ فمعارك اليوم حضارية معرفية تحتاج إلى عقول تعي ولا تدعي وتبين ولا تتوارى، ولا نصر فيها إلا لمن يواجه الغد برأس عارية ووجه مكشوف وقلب نقي؛ (فلا خوف إلا من الخوف ذاته) -وهذه عبارة قالها روزفلت في الحرب العالمية الثانية-.
الشجاعة أمن.
Ibrturkia@hotmail.com