توالت الأحداث في باكستان بشكل دراماتيكي، فمنذ أن أعلن الرئيس مشرف استقالته وفي أقل من ثلاثة أيام سقط ما يقارب المئة قتيل، في بادرة تكشف عن المخاطر التي تحدق بهذا البلد الإسلامي وتهدد آمنه وعيشه المشترك، وكنا قد تحدثنا عن ضرورة الحفاظ على الأمن الشعبي وهدوء النسيج الاجتماعي داخل مكونات الشعب الباكستاني الذي يتشكل من عرقيات ومذاهب متمايزة، بالإضافة إلى تمايزه الحزبي والسياسي، وخطر المتطرفين الذين يتربصون بالماء لاصياد مايمكنهم اصياده من مكاسب وأوراق نفوذ تقودهم إلى تمرير أجنداتهم الخاصة التي لن تكون إلا على حساب هدوء هذا البلد وعيشه السلمي المشترك.
الآن وبعد أن استقال مشرف انتقلت عقدة الإشكال إلى داخل الطيف السياسي الجديد ونعني به الائتلاف الحاكم الذي أطاح بالرئيس، فليس هناك اتفاق على خليفة له وليس هناك اجماع واضح فيما يخص إعادة القضاة المقالين، عدة عوامل يتطلبها الحفاظ على استمرارية الاستقرار في باكستان ويعول على العقلاء من الباكستانين بها، ولعل أولها وأهمها بقاء المؤسسة العسكرية الباكستانية على الحياد في هذا الأمر وعدم دس أنفها في دهاليز السياسية لكي لاتعود البلاد إلى دائرتها المغلقة من جديد، كما أن الائتلاف الحاكم مطالب بالإسراع إلى حل جميع الإشكالات العالقة وحمياتها من آثار التطرف والابتراز السياسي للاحزاب التي علمتنا تجارب التاريخ أنها عندما تستشري بين ظهراني القوم المسيسين فإن البلاد هي التي تذهب ضحية على مقصلة الطموحات الفردية والتقوقع الحزبي الذي إن قاد إلى شيء فإنه لن يقود إلا للمزيد من الارتباك الاجتماعي والتناحر السياسي وفتح الأبواب أمام الطامعين بمواطئ الأقدام في فضاءات الدول الأخرى، وتوظيف إشكالياتها وقضايا لخدمة مصالحهم الخاصة وهذا مايخشى على باكستان منه.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244