Al Jazirah NewsPaper Friday  22/08/2008 G Issue 13112
الجمعة 21 شعبان 1429   العدد  13112
رئيس مركز الدراسات والأبحاث لتصحيح صورة الإسلام بالمغرب ل«الجزيرة»:
المسلمون في أشد الحاجة للمراكز البحثية التي ترصد ظاهرة (التخويف من الإسلام)

المغرب - خاص ب«الجزيرة»:

قال رئيس مركز الدراسات والأبحاث لتصحيح صورة الإسلام بالمملكة المغربية الدكتور حسن عزوزي إن دور المركز لا يقتصر فقط على إعداد الدراسات والبحوث والكتب ونشر المقالات لتصحيح صورة الإسلام ولكنه يهتم بكل ما يخدم المجال، من رصد للحملات المعادية، والمضامين التي تنشر في وسائل الإعلام الغربية لتشويه صورة الدين الإسلامي، مؤكداً أن هذه المهمة في حاجة إلى جهود جماعية منظمة ولا يمكن لأفراد القيام بها بمفردهم، وطالب د. حسن عزوزي بإنشاء العديد من المراكز البحثية التي تهتم برصد هذه الظواهر السلبية.. جاء ذلك في حديث ل(الجزيرة).. وفيما يلي نصه:

* تأسيس مركز الدراسات والأبحاث في مجال تصحيح صورة الإسلام له أهدافه ووسائله في القيام بمهامه.. فمتى أسس هذا المركز وما هي الدوافع وراء ذلك؟ وماذا عن الوسائل التي يستخدمها المركز في تحقيق هذه الأهداف؟

- تأسس المركز عام 2007م بفاس وكان الاشتغال قبل ذلك في إطار مجموعة البحث في مجال تصحيح صورة الإسلام التابعة لجامعة القرويين لمدة ست سنوات أي مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م ومن هنا يبدو الدافع الرئيسي من وراء تأسيس المجموعة، ثم المركز وهو السعي إلى المساهمة في تقديم الصورة الصحيحة عن الإسلام والمسلمين بعدما طالها كثير من التشويه والتمييع بعد اتهام الإسلام والمسلمين بالوقوف وراء أعمال العنف والإرهاب.

ومن أهداف المركز ووسائله القيام بتطوير البحث العلمي في مجال تقويم وتصحيح ما يكتب وما يقال ويذاع عن الإسلام شريعة وحضارة، وكذا تنسيق جهود الباحثين في هذا المجال والسعي إلى تكريس العمل الجماعي الهادف إلى إنجاز وتحقيق مشاريع علمية ونشر البحوث والدراسات المتعلقة بمجال اهتمام المركز وربط جسور التعاون والتواصل مع مختلف المراكز والمنظمات والجمعيات الثقافية.

والمركز في حاجة إلى تلقي الدعم والمساعدة المادية والمعنوية عن طريق برامج البحث التي ينتظر أن تنجز بتعاقد بين المركز وأية جهة مدعمة لبرامج البحوث العلمية التي تخدم الإسلام.

* هل دور المركز يقتصر على الإنتاج العلمي من بحوث ودراسات أم يتعدى ذلك، وما هي أبرز نتاجات المركز؟

- دور المركز لا يقتصر على الإنتاج العلمي، بل يهتم بكل ما يخدم مجال تصحيح الصورة ويكون ذلك عن طريق الرصد والمتابعة لحملات تشويه صورة الإسلام في الغرب مما يفرض القيام بواجب الاحتجاج والاستنكار وهو ما يثير الرأي العام مما يدفع حتما الجهات والمنابر الإعلامية التي تقف وراء ذلك إلى التحفظ والتراجع، ومن أنشطة المركز أيضا عقد ندوات وأيام دراسية كان آخرها يوما دراسيا في موضوع: سوء الفهم للإسلام: الأسباب والدوافع، وأصدر المركز سلسلة تصحيح صورة الإسلام أربعة أعداد ضمن كتب.

* في ظل الإسلام فوبيا أو ظاهرة الخوف من الإسلام تظل الحاجة ماسة إلى مؤسسات ومراكز بحثية للقيام بهذا الأمر فهل العالم الإسلامي يحتاج إلى هذه المراكز؟

- نعلم جميعاً أن مهمة تصحيح صورة الإسلام ليست سهلة يمكن تنفيذها باتجال وبشكل فردي، بل لابد فيها من العمل الجماعي القائم على تنسيق الجهود وعقد اللقاءات بين الباحثين المهتمين، وفي ظل تفاقم ظاهرة الإسلام فوبيا - الخوف من الإسلام- تبدو الحاجة أكثر إلى تنسيق الجهود وربط جسور التعاون بين مختلف الجهات المهتمة، وهو ما يستدعيه عمل المراكز العلمية والهيئات والمنظمات الإسلامية.

* يلاحظ أن من يحاولون تحسين صورة الإسلام يخاطبون الشعوب الإسلامية أكثر من خطاب الغير فهل تداركتم هذا الأمر؟

- هذا أمر نستوعبه جيداً، ونحن واعون بأن مهمة تصحيح صورة الإسلام في الغرب لا يمكن أن تكون مجدية إلا إذا كان خطاب التصحيح موجهاً إلى الغربيين بلغاتهم، وهو أمر ليس من السهل تحقيقه نظراً إلى جملة من الحواجز والعوائق من بينها كون المهتمين والمتعاونين لا يتقنون لغات أجنبية في مستواها العلمي الأكاديمي الذي يسمح باكتساب منهج الرد والتفنيد، كما أن من العوائق صعوبة التسويق في الغرب لكل ما هو إسلامي خاصة إذا كان يتوجه بالدفاع عن حقائق الإسلام ضد التهم والافتراءات والطعون.

وإذا كنا نعلم أن نظمات إسلامية دولية لا تستطيع حتى الآن تسويق منتوجها الثقافي المعبر عن الصورة الحقيقية للإسلام في البلدان الغربية إلا في حدود ضيقة فكيف يمكن أن ينتظر من المراكز العلمية ذات النفوذ المحدود إن تحقق ذلك، إن الذي نعمل من أجله في المركز هو تكوين أساتذة جامعيين خبراء في المجال يستعان بهم عند الحاجة من طرف الهيئات والمنظمات الإسلامية، ومثال ذلك التعاون القائم مع منظمة الإيسيسكو - المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافية - والتي تتخذ من الرباط مقراً لها، ولا يخفى الدور الكبير الذي تقوم به هذه المنظمة في مجال تصحيح صورة الإسلام.

* نظمت رابطة العالم الإسلامي المؤتمر الإسلامي العلمي للحوار في رحاب مكة المكرمة، كما نظمت مؤتمر آخر عن الحوارات بين أتباع الأديان في مدريد.. كيف ترون دور المؤتمرفي تجسيد التوصيل بين المسلمين وأهل الأديان؟

- لا شك أن المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة والذي سعدت بحضور أعماله يعتبر واحداً من أهم المؤتمرات التي دعا خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - إلى تنظيمها من أجل الخروج بما يكفل تحقيق التعاون والتفاهم والتعايش بين العالم الإسلامي وغيره من أهل الأديان الأخرى، ولا شك أن هذا المؤتمر الذي يعتبر تمهيداً لمؤتمرات أخرى خارج مكة المكرمة سوف يتنادى إليها اتباع مختلف الأديان للتحاور والتعارف والتعاون من أجل ضمان صيانة الإنسانية والأخلاق من العبث والانحلال انطلاقا من القيم والقواعد المشتركة التي تجمع بين الجميع، وفي هذا السياق اندرج مؤتمر مدريد.

* البعض يرى أن الحوارت بين اتباع الأديان لابد وأن تقتصر على التعايش بين الشعوب ولا يتطرق إلى أمور العقائد.. فهل هذه وجهة نظر صحيحة؟ ولماذا؟

- إن الحوار الديني والحضاري بين أتباع الأديان يعتبر شأنا ثقافياً بجانب المسائل الدينية الصرفة المرتبطة بمبادئ ومواقف إيمانية يعتبرها أصحابها مسلمات مطلقة، إنه يتناول الجوانب الأخرى من آفاق الانفتاح والتواصل الإنساني التي يشترط تحقيقها الاعتراف بالآخر وتفهم مشكلاته ومقاصده.

إن الحوار حول القضايا المشتركة كفيل بتحقيق نوع من التقارب والتفاهم خاصة على مستوى القيم الفكرية والإنسانية التي يلتقي حولها الجميع، أما أمور العقائد فإن النقاش حولها لا يؤدي إلى نتيجة على اعتبار أن كل طرف مقتنع أتم الاقتناع بموثوقية دينه وصواب موقفه.

* تأسيس هيئة إسلامية مستقلة للحوار تكون مهمتها تنسيقية بين الجهات واللجان العاملة في مجال الحوار بين الأديان.. كيف ترون عمل هذه الهيئة الآن ومستقبلا؟

- هناك من يتشاءم ويقول: إن ما نسمع من عقد لقاءات حوارية هنا وهناك إنما هي حوارات الطرشان، لأن ذلك لم يؤت أكله ولا نكاد نلمس تفاهما أو تعاونا وإنما لا زالت تسود حالات تأزم واحتقان وعداء بين العالم الإسلامي والعالم الغربي، نقول إنه بالرغم من كل ذلك فإنه عن طريق الحوار فقط يمكن تلمس سبل التخفيف من غلو العداوة الحاصلة في بعض الأحيان، كما أنه عن طريق الحوار الإسلامي العالمي يمكن تبليغ الصورة الحقيقية عن الإسلام ومبادئه وقيمه ومثله، فالعالم الغربي لا يزال يجعل الكثير عن الإسلام مما يستدعي مضاعفة الجهود من أجل استغلال سبل الحوار الديني والثقافي والتعاون مع الأصوات الغربية المنصفة من أجل بلوغ المنشود وتحقيق المقصود.

* المسلمون يعترفون بالديانات الأخرى وأهل الأديان الأخرى لا يعترفون لا بالاسلام ولا برسوله.. هل تشكل هذه عقبة أمام استمرارية الحوار؟

- نعم، هذا يشكل عقبة كبيرة أمام استمرار الحوار وتحقيق النتائج المرجوة، ولعل اعتراف المسلمين بالديانات السماوية السابقة بتوجيه قرآني واضح - لا نفرق بين أحد من رسله - وعدم اعتراف الآخرين بالإسلام يجعل المسلمين لا يستطيعون التحامل على الأديان الأخرى أو السعي إلى تشويهها كما هو صنيع الغربيين تجاه الإسلام، والسبب في ذلك أن التوجيهات الإسلامية لا تسمح للمسلم بالتهجم على الأديان الأخرى بالرغم من الإيمان بما طال بعض تلك الأديان من تحريف وتغيير، ولعل من أشد نتائج هذه المفارقة إيلاماً ما يتعرض له الإسلام من تشويه إعلامي فظيع بالرغم من أن قنوات الحوار الديني والحضاري بقيت مستمرة منذ نصف قرن من الزمن.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد