د. حسن الشقطي
أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 8464 نقطة رابحاً حوالي 275 نقطة. وقد حقق المؤشر هذا الأسبوع نوعا من الاستقرار بعد الارتداد والإغلاق الإيجابي على مدى أيام التداول الخمسة هذا الأسبوع.. وعلى الرغم من مكاسبه التي وصلت إلى حوالي 3.3% إلا أن ضعف مستوى السيولة المتداولة وهشاشة الكميات التي تحركت بها القياديات لا يزال يسبب نوعا من القلق وعدم الثقة في استمرار هذا المسار الصاعد الذي ترسخ منذ السبت الماضي.. وقد توجهت الأنظار هذا الأسبوع لمتابعة قوائم كبار الملاك في الأسهم المدرجة، إلا أنه لا يبدو أن هذه القوائم قد حققت للمتداولين مبتغاهم بشكل أثار التساؤل: هل سقف النسبة الموضوع لإدراج كبار الملاك يبدو مناسبا أم أن هناك حاجة لتخفيضه؟ أيضاً تم هذا الأسبوع إدراج سهم استرا الصناعية التي افتتحت على سعر 47 ريالا، ثم ما لبثت أن أغلقت على مستوى 44 ريالا.. ومن جانب ثالث أعلنت هيئة السوق عن موافقة مجلسها على إمكانية نقل المنافع الاقتصادية للأسهم السعودية من الأشخاص المرخص لهم إلى الأشخاص الأجانب غير المقيمين، وهو القرار الذي فتح باب للتساؤل هو، هل السوق على وشك الدخول في مرحلة العولمة الكاملة؟
المؤشر في مسار صاعد
رغم أن المسار الصاعد لمؤشر السوق قد بدأ منذ منتصف الأسبوع قبل الماضي وهو مستمر على مدى ثماني جلسات تداول متواصلة.. إلا أن مؤشر السوق لم يتمكن من أن يحرز صعدات قوية يمكن أن يثق من خلالها المتداولون بأن هناك سيولة قوية وراغبة في الدخول بشكل حقيقي في السوق.. وذلك على الرغم من الصعود الذي طرأ على العديد من الأسهم القيادية مثل سابك والراجحي والاتصالات.. إلا أن حجم الزخم فيها لم يصل إلى مستوى الاستقرار.. إن الأمر المستغرب الآن هو تفسير: لماذا هذا التردد من قبل المستثمرين؟ لماذا تجنيب السيولة؟ ماذا ينتظرون؟ فالسوق جذاب ويمتلك أسهما بأسعار غاية في الجاذبية، ومع ذلك فإن حجم الإقبال الاستثماري على السوق بات أقل مما يجب كثيرا. فعلى الرغم من ربحية سابك لنسبة 1.6% يوم الأربعاء الماضي، فلم تزد السيولة المتداولة في السوق على 3.8 مليار ريال.
تداول استرا قريباً من سعر اكتتابه
افتتح سهم استرا الصناعية على 47 ريالا ووصل إلى 48 كأعلى سعر، إلا أنه انحدر في اليوم التالي إلى مستوى 44 ريالا، بشكل تسبب في إحساس بعض المكتتبين بأن أرباحهم من السهم قد تلاشت أو تقلصت نتيجة الإغلاق الأسبوعي قريبا من سعر الاكتتاب.. أي أن سهم بتخصيص ضئيل وعلاوة إصدار في ظل ضعف وضعية السوق يمكن أن لا يخرج فيه المكتتبون بأرباح مرضية. ولكن مع ذلك، فإن الاكتتابات تعتبر مخرجا أو متنفسا للسيولة الفائضة التي باتت تخشى من الدخول المباشر في السوق.
تحايل كبار الملاك على نشر أسمائهم
إذا دخلت إلى قائمة كبار الملاك لسهم سابك فلن تشاهد ملاكا، ولكنك سوف تعلم أن صندوق الاستثمارات العامة يمتلك 70% في ملكيتها وهذا ليس بجديد.. وإذا فكرت في معرفة هذه القائمة لمعظم الأسهم القيادية فسوف لن ترى سوى مشاركات الصناديق الحكومية وبعض الأسماء المعروفة من المؤسسين وربما أسماء قليلة غير معروفة.. وهنا يثار الجدل حول مدى جدوى هذه القائمة التي يفترض أنها مهمة للغاية لما يمكن أن تفضحه من ممارسات أو تلاعبات كبار المستثمرين الملاك في الأسهم المدرجة.. فهل من المنطق أن لا يتم الإعلان عن مستثمر يمتلك حوالي 4.5% من أسهم شركة سابك؟ أي لا يتم الإعلان عن مستثمر يمتلك نحو 4.1 مليار ريال من قيمتها السوقية حسب إغلاق الأربعاء؟ أنا اعتقد أن إعلان هيئة السوق عن نيتها في نشر هذه القوائم قد أدى إلى تحايل غالبية المستثمرين للعمل تحت سقف نشر أسمائهم، وبالتالي قد نجد أن غالبية كبار المستثمرين يتحركون الآن في نطاق تملك نسب تقل عن 5% من أسهم الشركات المستثمرين فيها.. لذلك، فإني أقترح أن تسعى هيئة السوق لإيجاد مخرج لتفعيل قرارها الهام، بحيث تسعى لفرض نظام يتم خلاله إما نشر كل الملاك التي تزيد حصصهم على 5% أو على الأقل نشر أكبر خمسة ملاك في كل شركة سواء زادت أم نقصت حصصهم عن هذا السقف.
بوادر بدء انفتاح السوق على المستثمرين الأجانب
في تقرير الأسبوع الماضي تساءلنا هل ما يحدث في السوق من هبوط يمكن أن يكون بادرة لإعداد وفتح سوق الأسهم المحلية للمستثمرين الأجانب غير المقيمين.. ويبدو أن هذا التكهن سيصدق قريبا، حيث صدرت الأربعاء الماضي موافقة مجلس هيئة السوق المالية للأشخاص المرخص لهم على إبرام اتفاقيات مبادلة مع الأشخاص الأجانب غير المقيمين، بهدف نقل المنافع الاقتصادية لأسهم الشركات السعودية لأولئك الأشخاص مع احتفاظ الأشخاص المرخص لهم بالملكية القانونية للأسهم وفقاً للضوابط والشروط التي تضمنها قرار المجلس. ببساطة القرار يتصف بالغموض وخاصة فيما يتعلق بعبارة (نقل المنافع الاقتصادية للأسهم) لأن انفتاح السوق على مصراعيه لا يزال قيد التجربة ويبدو أن هذا القرار هو جس نبض للسوق والمتعاملين فيه تجاه تقبل دخول وتعامل الأجانب غير المقيمين بشكل مباشر في السوق.
السوق ما بين المؤثرات المحلية والعالمية
رغم أن السوق المحلية غالبا ما تنبع مؤثراتها من الداخل، إلا أن المؤثرات الخارجية عندما تصل إلى حدود معينة يمكن أن تؤثر فيها أيضا.. وقد وصل اضطراب الأسواق العالمية إلى حد يمكن أن يتسبب في تمثيل عامل ضغط فعلي على سوق الأسهم وخاصة عندما يرتبط التأثير بأضلاع أساسية في الاقتصاد الوطني.. باختصار تتلبد سماء السوق الآن بغيوم المؤثرات الاقتصادية العالمية من اضطراب في أسواق الذهب والدولار والنفط وأيضا بقرارات أسبوعية جديدة وأحيانا غير مفهومة من شرائح عريضة من المتداولين تصدر من هيئة السوق، وأيضا بسيولة ضعيفة تترقب الثقة في وجود احتمالات لزيادة أرباح أسهم العوائد أو على الأقل عدم نقصانها مستقبلا.
محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com