Al Jazirah NewsPaper Friday  22/08/2008 G Issue 13112
الجمعة 21 شعبان 1429   العدد  13112
فرق شاسع بين قوى الخير والشر
د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم

عاد أيمن الظواهري للظهور مسموعاً مرة أخرى لكن هذه المرة باللغة الإنجليزية مطالباً من يتعاطف مع فكره وفعله بتهديد أمن واستقرار شعب الباكستان المسلم. الشريط المسجل يعكس بكل وضوح مساعي تنظيم القاعدة اليائسة لانتهاك حقوق المسلمين من مشارق الأرض إلى مغاربها. لكن مع كل أسف لم يمضي أكثر من عدة أيام على ذلك الظهور المعدي حتى هز انفجار شديد حافلة نقل في مدينة طرابلس في لبنان، ليقتل أكثر من اثني عشر إنساناً، ويجرح أعداداً آخرين، يدمر البنيان، ويهز المكان، ويعرض الأمن والاستقرار في لبنان، بل وينتهك حرمات المواطن اللبناني بكل فخر وامتنان.

في الجنوب من الجزيرة العربية يتواصل مسلسل العنف في اليمن، الصراع بين قوات أمن الدولة وجماعة الحوثي ومن في صفوفهم من عناصر تنظيم القاعدة، ليمعن هذا العنف المقيت في إضعاف المواطن اليمني وليعصف بمنجزاته وبمسيرته التنموية. وفي الصين تمضي الألعاب الأولمبية في أجواء مكتومة من الرعب والهلع خوفاً من تنفيذ جماعات العنف لعمليات إرهابية تودي بحياة الأبرياء.

في المملكة تواصل مؤسسات وأجهزة الدولة مساعيها وجهودها الحثيثة لوقف تحركات تنظيمات الإرهاب وعناصره الميدانية من الوصول إلى العقول الوطنية الشابة خصوصاً بعد أن ألقت القبض على 512 شخصاً مشبوهاً بارتباطهم بالتنظيم واستعدادهم لتنفيذ عمليات إرهابية تهدد أمن واستقرار المملكة التي تعتبر قلب العالم الإسلامي والعالم الاقتصادي. من هؤلاء ظهر أبو عزام الأنصاري وأم أسامة ومن في حكمهم ممن خدعوا بفكر التطرف على شاشات التلفاز يتحدثون بأسف عما كانوا يرمون افتعاله في ربوع هذا الوطن الغالي المعطاء.

هدف المملكة ليس القضاء على تنظيمات وعناصر التطرف والإرهاب وحسب، وإنما القضاء على ايديولوجيته الخطيرة ومنطقه العقيم وعقليته المظلمة، والأهم من ذلك كله القضاء على آلته الإعلامية الإليكترونية الخطيرة التي تعكف على تضليل الشباب وشحن عقولهم وتعبئة نفوسهم بالغضب والحقد والكراهية لتعبئتهم واستلاب عقولهم ومن ثم توجيههم كوسائل دمار تسفك دمائهم وتدمر نفوس آبائهم وأمهاتهم.

صحيح أن من ظهر على التلفاز، ومن عرضت حقائقهم بدقة جريدة الجزيرة في حلقات متتالية أقروا بذنوبهم واعترفوا بأخطائهم، وأكدوا بأنهم ضلوا الطريق بعد أن ضللوا وبسائل البغي وأدوات التحريض الفكري المقيتة. وصحيح أيضاً أنهم أكدوا لمن رآهم وسمعهم وقرأ عنهم بأنهم كانوا على خطأ وسلكوا دروب البغي والعدوان والضلال.. لكن السؤال الأهم هو: كيف يمكن منع وقوع المزيد من الأبرياء في شراك تنظيم القاعدة الذي يسعى لاختراق العقول والنفوس الضعيفة بعلمها وفقهها أو الجاهلة بدينها أو المريضة بأمراض التطرف والتعصب والغلو؟

الإجابة على هذا السؤال بدأت منذ سنوات في المملكة بأدوات المناصحة ووسائل التوعية الوطنية التي تتطلب تضافر وتعاون الجميع من أساتذة المدارس، وأساتذة الجامعات، وإلى أئمة المساجد، وإلى جميع وسائل الإعلام المرئية والمقرؤة والمسموعة.. نعم لقد بدأت الحملة الوطنية لمكافحة الإرهاب والتطرف والغلو والتعصب منذ سنوات، لكن يجب ألا تقف عند حد معين، أو أن تتقيد بمنظور محدد أو بمساحة معينة. إذ يجب أن تتواصل الحملة بكل قوة وحيوية لأنها الوسيلة الوحيدة القادرة على حماية أمن الوطن من الداخل لتستخدم كترياق مضاد يشفي النفوس ويوعيها ويحصنها وينمي قدراتها الذاتية على مواجهة خطاب التجييش والتحريض الذي ينهجه تنظيم القاعدة.

نحن في حاجة إلى إيصال المعلومات الدينية والوطنية الصحيحة لعقول جميع المواطنين والقادمين والوافدين والعاملين في المملكة. فقصة حسين الأحمد المواطن الكويتي الذي كان يعمل في مجال الفن ومن ثم عملية تأثره بخطاب طالبان في الباكستان وضياعه، ومن ثم كيف عاش واقعاً إنسانياً تستخدم فيه المخدرات ومعبأ بفتاوى سفك الدماء، يجب أن تصل إلى مسامع جميع أفراد الشعب السعودي ومن يعمل معهم من جميع جنسيات العالم العربي والإسلامي.

وما رواه أبو إسلام العراقي الكويتي الجنسية وأحد الإعلاميين المتعاطفين مع تنظيم القاعدة، من محاولات تنظيم القاعدة لخداع الشباب الكويتي الذين يعانون من المثالية المفرطة والأحلام الوردية، بتجنيدهم ووضعهم في معسكرات تدريب وغسل أدمغة، ومن ثم لدفعهم لإزهاق أرواحهم بارتكاب عمليات إرهابية في العراق وغيرها من الأمصار العربية والإسلامية. هذه الحقائق التي اتضحت معالمها بجلاء يجب أن تكون من ضمن سلاسل الحقائق الدامغة التي تصل

إلى عقول الشباب العربي والإسلامي في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

الهدف الوطني سام ونبيل، والوسائل الوطنية سامية ونبيلة وهنا يكمن الفرق فشتان بين من يسعى للتوعية الدينية والإنسانية الصحيحة من أجل الحفاظ على أمن واستقرار الوطن والعالمين العربي والإسلامي، ومن يسعى لتدمير المكتسبات والمنجزات الوطنية والعربية والإسلامية، ويروم تهديد الأمن والاستقرار العربي والإسلامي، ويحرص على إهدار الموارد والثروات والخيرات الوطنية والعربية والإسلامية.



drwahid@email.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد