لا يمكن أن تتحمل الرئاسة العامة لرعاية الشباب وحدها أسباب عدم تحقيق نتائج إيجابية لألعابنا في أولمبياد بكين، ثمة جهات أخرى تشارك الرئاسة المسؤولية، وفي مقدمتها وزارة التربية والتعليم، والأندية الرياضية، والقطاع الخاص، لا يمكن لرعاية الشباب أن تقوم بكل الأدوار، دور اكتشاف النجم، وموهبته، ورعايتها، وصقلها، وتدريبها، وتقديمه في المنافسات الدولية، لا يمكن ذلك للرئاسة أياً كانت إمكانياتها، هل تتوقعون مثلاً أن رياضياً مثل السباح الأمريكي فيلبس الذي حطم كل الأرقام في الأولمبياد الحالي وحقق إنجازات غير مسبوقة، ودخل التاريخ من أوسع الأبواب كان نتاجاً لجهة معينة فقط في بلاده، إن القارئ لمسيرته يدرك جيداً أن عدة جهات عنيت به، ابتداء من البيت مروراً بالمدرسة إلى نادي سباحة اكتشف الموهبة الدفينة ونماها وصقلها وقدمها كما يجب مروراً بمراحل أخرى قدمت لاعباً استطاع أن يحقق في أولمبياد واحد ثمان ميداليات ذهبية، ونحن بالطبع لا نريد لاعباً بهذا المستوى، فهذا أمر يحتاج إلى وقت طويل، نحن نريد أن نصل خطوة خطوة، فهل تدرك الجهات المعنية بالأمر ذلك.
في هذا الصدد أعتقد أن الرياضة المدرسية مثلاً مازالت دون المستوى المأمول بمراحل، درس التربية الرياضية مازال أمراً هامشياً في ذهن الكثير من المسؤولين في معظم المدارس، كما أن غالبية مدرسي التربية الرياضية لا يولون الأمر ما يستحق من عناية واهتمام، ولا يكلفون أنفسهم حتى مسؤولية التحاور مع النشء، ومعرفة توجهاتهم، وتحسس مكامن الإبداع فيهم، وتوجيههم لاختيار اللعبة المناسبة لقدرات وإمكانيات كل واحد منهم.
وعلى صعيد الرياضة المدرسية دعك هنا من السؤال عن التجهيزات الرياضية في المدارس، وبالنسبة لي أعتقد أن الأمر لا يتجاوز ملعباً غير مهيأ بشبكة مرمى بالية، وكرة قدم،وإن تطور الأمر ربما وجدت طاولة تنس وملاعب للألعاب المختلفة، وهذا بالطبع في المباني النموذجية للمدارس، أما حينما يتعلق الأمر بالمباني المستأجرة، فإن الأمر أقل من هذا بكثير، وبعد هذا كله نسأل لماذا لا نحقق ميدالية واحدة في الأولمبياد.
أما في الأندية الرياضية، وهي معنية أكثر من سواها بالأمر، فإن النهار لا يحتاج إلى دليل، فأين هو النادي الذي يولي البحث عن المواهب في الألعاب المختلفة اهتمامه، ويضع ميزانية خاصة وكافية لتطوير ألعابه المختلفة، الحقيقة أن الأندية مازالت مقصرة كثيراً بالأمر، بل إن غالب الألعاب خارج نطاق اهتمام إداراتها، فأين النادي الذي كلف نفسه مهمة الاهتمام بلعبة معينة، وعمل على اكتشاف المواهب فيها، وصقلها وتنمية مواهبها؟ الإجابة لا أحد. وهنا لابد من الإشارة إلى دور الاتحادات الرياضية التي يجب أن تتابع الأندية، وتحثها على العمل لصالح الألعاب المختلفة، وتضع محفزات كافية لذلك، وإدراك أن النتائج الكبيرة تبدأ من أمور متناهية في الصغر، قد يراها البعض لا تستحق الاهتمام. إن الأندية قد صبت كل اهتمامها بكرة القدم، ووهبت كل إيراداتها للصرف على هذه اللعبة، من خلال البحث عن اللاعب الجاهز، مهما كلف الأمر، وعندما تكون عاجزة عن اكتشاف لاعب كرة قدم وتنمية موهبته، رغم ما يصرف على اللعبة، فكيف نطالبها بعد ذلك بالاهتمام بصقل مواهب الألعاب الأخرى واكتشاف القدرات الدفينة فيهم، وتابعوا مثلاً كيف ظلت الأندية مجتمعة عاجزة عن تقديم لاعبين مميزين للمنتخب في بعض المراكز التي ظلت محطة تجارب لكثير من اللاعبين بحثاً عن من يسد الخانة الشاغرة.
وفي شأن الألعاب المختلفة وتقديم النجوم يبرز دور القطاع الخاص أيضاً، وهو قطاع أعتقد أنه مازال مقصراً فيما يتعلق بالشأن الرياضي، فلم نسمع مثلاً بتبني لاعب ما، أو الاهتمام بلعبة معينة، والأمر غالباً لا يتجاوز الاستثمار، وما يساهم في تعظيم الأرباح فقط، دون الحرص على تقديم خدمة حقيقية، والمساهمة في تحقيق إنجاز يذكر.
إن مسؤولية تحقيق ظهور أولمبي مشرف مسؤولية وطنية مشتركة، يجب أن تكون هما للجميع، ومرة أخرى، الرئاسة العامة لرعاية الشباب لم تقصر، لكنها، وحدها، لن تكون قادرة على تحقيق كل شيء، واليد الواحدة لا تصفق، مهما فعلت.
SA656AS@yahoo.com