كثيراً ما تثار في نقاشاتنا اليومية قضية غلاء الأسعار والتذمر المرتبط بها، ومع أن هذه الظاهرة هي ذات امتداد عالمي طال جميع الدول، إلا أن للحديث عن هذا الأمر مداخل ومخارج يرتبط بعضها بسلوكيات الفرد الاستهلاكية، والتي هي في الأساس جزء من المشكلة، كما أنها جزء من الحل، فثقافة الترشيد التي لم تعد من ميزات حياتنا اليومية بعد أن طغى على سلوكياتنا المعيشية نمط الاستهلاك ومعايير ثقافة الاهدار, هي من الأهمية بمكان للتركيزعليها والتوعية بضرورة اتخاذها أنموذجاً يطبق في الحياة ليس فقط في التعامل مع موجة الغلاء، ولكن حتى في الحفاظ على الثروة المائية ومقومات الحياة والعيش الأخرى.
المتابع والراصد لمعايير التسوق لدينا يجد أن هناك نوعاً من الشره والتطرف الشرائي، خصوصاً فيما يخص المواد الغذائية ومؤنة المطبخ التي غالباً ما تنتهي صلاحيتها وهي مكتظة في بيت المؤنة بلا فائدة ,في بادرة إهدار وتبذير كان الأولى استبدالها بمعايير التسوق الرشيق الذي يكتفي بضروريات المعيشة بدلاً عن كمالياتها غير الضرورية، وهذا ما يقودنا إلى الحديث عن التسوق لشهر رمضان الفضيل الذي أقبلت أيامه وستجلب معها أيضاً اكتظاظاًَ وحشوداً متكدسة على الأسواق من أجل اشباع النهم الشرائي المندرج تحت زاوية الاهدار.
ان استبدال ثقافة الاهدار بقناعات وثقافة الترشيد بات من أهم الضروريات التي يجب أن تبث في النسق المعرفي والسلوكي للمجتمع، وهذا الدور تضطلع به وسائل الإعلام التي هي بمثابة الموجه القوي لقناعات العقل الجمعي للمجتمع، فبدلاً من التذمر من غلاء الأسعار وارتفاعها المطرد، الأولى أن نهرول قليلاً بسلوكياتنا المعيشية نحو عقلانية الترشيد التي تدخر المال وتحميه من التبذير وتطوع النفس وتحميها من حمى الهوس الشرائي والاهدار
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 9999 ثم أرسلها إلى الكود 82244