لا تخفى أهمية الفتوى وعظم شأن تحملها، مما يؤكد أن يكون المفتي أهل لها. وفي الآونة الأخيرة أصبحت القنوات الفضائية تتسابق في عرض عدد من الحلقات المتعلقة بالفتوى على الهواء مباشرة حتى أصبحت ضمن البرامج المعتادة. ويشارك فيها كل منتسب إلى العلم الشرعي، فكثر عدد المفتين تبعاً لذلك.
والتوسع في الفتوى ينبغي أن يضبط بضابط يجعل المفتي أهلاً لها، ففي نظري أنه ليس كل منتسب للعلم الشرعي يصلح أن يكون مفتياً، لأن الفتوى أخص من أي مجال شرعي آخر. فعلى سبيل المثال مجال الدعوة مجال شرعي، والدعاة من المنتسبين إلى العلم الشرعي. ولكن ليس كل داعية يصلح أن يكون مفتياً. والعكس صحيح من هذا المنطلق يجب أن يكون للفتوى شأنها وثقلها ووزنها الذي دلت عليه السنة كما في حديث (أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار). لذا فإني أقترح أن يكون للفتوى مرجعية رسمية ممثلة في دار الإفتاء التي يرأسها سماحة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، كما للمجال الدعوي مرجعية رسمية ممثلة في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد فالداعية تحت إشراف تلك الوزارة ويحمل تصريحا رسميا يجعله مأذوناً له في الدعوة. أليست الفتوى والمفتي بأولى من ذلك؟ حتى يُنتقى من طلبة العلم من هم مؤهلون للفتوى وتتوافر فيهم صفات المفتي ممن عرفوا بصلاح الحال والاستقامة وسلامة التوجه. إن هذا المقترح لا يعني الحد من المفتين أكثر مما يعني ضبط الحال ووجود المرجعية الرسمية بما يتناسب مع عظم شأن الفتوى وأهميتها، وكونها أمانة ورسالة، فالمفتي موقع عن رب العالمين ومبلغ لسنة سيد المرسلين فحري به أن يُنتقى ويُشهر له ببلوغ درجة الفتوى.
وقد أحسنت إذاعة القرآن الكريم صنعاً حين جعلت المشاركين في برنامج (نور على الدرب) من أعضاء هيئة كبار العلماء دون غيرهم فيا حبذا لو سلكت القنوات الفضائية هذا المنهج أو أضافت إليهم من في حكمهم ممن هم مصرح لهم رسمياً بالفتوى. والله ولي التوفيق.