«الجزيرة» - نواف الفقير
كشف تقرير حديث أن مواصلة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إرخاء سياسته النقدية خلال 2008م زاد من تفاقم السيولة المحلية في دول مجلس التعاون الخليجي والتي كانت أصلاً تشكو من تراكم استثنائي. وأكد تقرير للأمانة العامة لاتحاد غرف الخليج أنه مع بقاء أسعار البترول في نطاق 85-90 دولاراً للبرميل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، وبلوغ إنتاج دول الخليج 16 مليون برميل يومياً، واصل الانتعاش الاقتصادي في دول المجلس نموه بمعدلات متسارعة، حيث أعاد صندوق النقد الدولي تقديراته لمعدلات النمو الاقتصادي في دول المجلس خلال 2008م.
وقد أتاحت الزيادات في أسعار النفط زيادة وتيرة الاستثمارات العامة والخاصة.
ويتركز معظم هذه الاستثمارات في البنية التحتية والمشروعات العمرانية والعقارية والسياحية والمشروعات الاجتماعية، كما توجد هناك جهود للتوسع في قاعدة التصنيع والخدمات.
إلا أن مخاطر التضخم وزيادة الأسعار زادت خلال الربع الأول من العام في حين ظلت أسواق الأسهم الخليجية حذرة بشكل عام بسبب اضطرابات أسواق الأسهم العالمية.
وكشف التقرير بأن ضعف مرونة السياسات المالية والنقدية أدى إلى خلق ضغوط تضخمية والتي نشأت في أول الأمر بسبب النمو السريع في السكان واختناقات العرض والنتائج المالية للفوائض الكبيرة في ميزان المدفوعات في سياق ربط العملات الخليجية بالدولار..
وذكر التقرير أن النشاط الاقتصادي استمر قوياً في دول المجلس خلال الربع الأول من عام 2008 وارتفعت معدلات النمو الاسمي إلى أرقام كبيرة انعكاساً للتطورات المتسارعة في القطاع النفطي. وأشار التقرير إلى أن دول المجلس تلعب دوراً حيوياً في صناعة النفط العالمية، ففي عام 2007 بلغ إنتاج النفط في دول المجلس 18% من الإنتاج العالمي وحوالي 39% من الصادرات ونسبة مماثلة من الاحتياطيات المؤكدة في العالم.
حيث يبلغ الإنتاج النفطي في المملكة، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم والدولة الوحيدة التي تتمتع بطاقة إنتاج إضافية مهمة، حوالي 12 مليون برميل في اليوم. ويقدر صندوق النقد الدولي بقاء إنتاج دول المجلس من النفط عند معدلاته الرئيسة وهي 16 مليون برميل يومياً وهي نفس المعدلات التي كان عليها خلال العامين الماضيين.
منوهاً بأن الارتفاع الكبير في أسعار النفط أدى إلى زيادة إجمالي فائض الحساب الجاري لدول مجلس التعاون إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، حيث يقدر الصندوق ارتفاعه من 215 بليون دولار في 2007 إلى 332 بليون دولار عام 2008 وهو ما يمثل 31% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2008 بالمقارنة مع 27.5% عام 2007م.
وسيسمح ذلك بنمو كبير آخر في ثروات المنطقة الهائلة من صافي الأصول الأجنبية التي تقدر الآن بحوالي تريليوني دولار.
وأوضح التقرير أن السياسة النقدية تظل في دول المجلس مقيدة بسعر صرف ثابت مع الدولار وهذا يدفع بأسعار الفائدة المحلية بتعقب نسب الفائدة المطبقة في الولايات المتحدة، بينما تنحصر عمليات المصارف المركزية بشكل كبير في تحسين وضع السيولة من خلال إصدار شهادات الودائع أو الأدوات الأخرى.
ونظراً لهذه المعطيات، كشف تقرير حديث أن مواصلة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إرخاء سياسته النقدية خلال العام 2008 زاد من تفاقم السيولة المحلية في دول مجلس التعاون الخليجي والتي كانت أصلاً تشكو من تراكم استثنائي.
ويقدر صندوق النقد الدولي أن تنمو السيولة المحلية بنسبة 17.4% في المتوسط في دول مجلس التعاون الخليجي عام 2008م.
وتبلغ أعلى نسبة نمو في قطر 22.2% والبحرين 21.8% والإمارات 18.7% نجم عنه أن النسب الحقيقية للفائدة سالبة جداً الآن، وهذا الوضع ساهم في زيادة الإئتمان للقطاع الخاص بأكثر من الضعفين في الشهور الاثني عشر الماضية.
وساعد تواصل أسعار النفط المرتفعة على دعم تنفيذ مشروعات كبيرة جداً في كافة أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، وتهدف هذه المشروعات إلى خلق فرص عمل وتنويع القاعدة الاقتصادية وتطوير الموارد البشرية وتحقيق قيمة مضافة أعظم من مصادر الهيدروكربون.
ويشير إشراك القطاع الخاص يصورة أكبر في مشروعات الازدهار الحالي إلى أن الكثير من المشروعات التي يجري التحضير لها حالياً ستكون فعالة، ومع ذلك تبقى أخطار الطاقة الإنتاجية الفائضة واردة في بعض القطاعات. وتشير الدرسات الصناعية أن حجم المشروعات قيد التنفيذ في دول مجلس التعاون الخليجي ارتفعت إلى مستويات قياسية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وبنهاية شهر أبريل 2008 كانت القيمة الإجمالية لهذه المشروعات قد تجاوزت 2.4 تريليون دولار أمريكي.
وقال التقرير: لقد شهد مطلع العام 2008 الإعلان عن قيام السوق الخليجية المشتركة، بإجمالي دخل قومي يزيد عن 1.1 تريليون دولار عام 2008م.
والقضية المهمة الآن هي قيام دول المجلس كافة بإصدار الأدوات التشريعية التي تكفل تحرير عناصر الإنتاج بكافة صورها ليتحقق قيام السوق على أرض الواقع.
أما الوحدة النقدية الخليجية، فقد اجتمع محافظي البنوك المركزية الخليجية مطلع شهر أبريل الماضي في الدوحة لمناقشة تنفيذ قرار المجلس الأعلى لمجلس التعاون في قمة الدوحة التي عقدت في (ديسمبر) 2007، بشأن وضع برنامج مفصل لاستكمال جميع متطلبات الاتحاد النقدي، وتحقيق الدول الأعضاء للمعايير المالية والنقدية لتقارب الأداء الاقتصادي المعتمدة في العام الماضي، ونظراً لكون دول المجلس اتفقت في قمة مسقط في ديسمبر عام 2001 على البرنامج الزمني لإقامة الاتحاد النقدي، والذي يقضي بتطبيق الدولار الأمريكي مثبتاً مشتركاً لعملات دول المجلس، كما يقضي البرنامج بأن تتفق الدول الأعضاء على معايير تقارب الأداء الاقتصادي وذلك تمهيداً لإطلاق العملة في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 2010م.
كما تطال نقاط الحوار التشريعات اللازمة في المجال النقدي، وصلاحيات البنك المركزي الخليجي، وإنشاء هيئة قضائية كإحدى منظمات مجلس التعاون تسمى (محكمة الاتحاد النقدي).
ويشير الخبراء إلى أن أهم التحديات المقبلة التي قد تواجه التفعيل الكامل للسوق الخليجية المشتركة هي إنجاز مشروع توحيد العملة بحلول العام 2010 خاصة بعد الخطوات التي قامت بها كل من الكويت وسلطنة عمان، على صعيد فك الربط بالدولار بالنسبة للأولى، وإعلان الانسحاب من الوحدة النقدية لعدم القدرة على الوفاء بمستلزماتها في الوقت المحدد بالنسبة للثانية.
وقال التقرير: تبقى المملكة العربية السعودية تلعب دوراً إيجابياً وأساسياً في استقرار أسواق النفط. وتخطط المملكة لاستثمار نحو 80 مليار دولار في المدى المتوسط بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل وزيادة طاقة التكرير بنسبة 43% إلى نحو 6 ملايين برميل.
كما تعتزم دول المجلس الأخرى استثمار نحو 170 مليار دولار.