Al Jazirah NewsPaper Thursday  21/08/2008 G Issue 13111
الخميس 20 شعبان 1429   العدد  13111
الحرب التي قامت على معلومات مغلوطة
الدكتور عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ

في عام 2002م، أو قبل أن تغزو أمريكا العراق، هناك اعترافات من قبل كل من المخابرات البريطانية والأمريكية، ضمن من لهم علاقات استخبارية وطيدة بالشرق الأوسط، ألا علاقة لنظام الحكم السابق في العراق بهجوم 11 من سبتمبر...

ولا بالقاعدة ولا يوجد لديه أسلحة دمار شامل

WMD. والتهمة الأخيرة على وجه التحديد كانت

المبرر الأساس لغزو العراق. ومنذ يناير 2003م كان المسؤول عن الاستخبارات العراقية يؤكد في اجتماعات سرية بمسئولين إنجليز وأمريكيين عدم وجود أسلحة دمار شامل في حوزة الحزب الحاكم في العراق آنذاك، وهو نفسه المسؤول منذ عام 1990م في العراق. وعلى الرغم من أن هذه المعلومات، التي يؤكدها مسؤول الاستخبارات العراقي، قد وصلت بوضوح للرئيس الأمريكي ونائبه ووزير خارجيته السابق والحالي ووزير الدفاع، كان جميعهم يشكك في عدم وجود سلاح دمار شامل في العراق. ومن الأقوال والتعليقات المتباينة، التي جاءت كردود أفعال أمام هذه المعلومات: (لم لا نعطي شيئاً نستعمله لمهمتنا)، (ستفسد علينا خطة غزو العراق), (لن تجد هذه المعلومات آذاناً صاغية في وسط المدينة، أي في البيت الأبيض).

والأغرب والأدهى من ذلك أن المسؤول الاستخباراتي الإنجليزي كان يحاول الاستنارة برأي مسؤول الاستخبارات العراقي حول غزو الغرب لبلاده، ولك أن تتوقع مشورة العراقي للإنجليزي بخصوص هذا الأمر. ومنذ ذلك الوقت لم تكن بريطانيا مقتنعة بغزو العراق، ولو أنها في نهاية الأمر كانت في مقدمة الدول التي أيدت أمريكا في ذلك قولاً وفعلاً. والواضح أن الإنجليز كانوا متأكدين من مصداقية المسؤول العراقي أما الأمريكان فلم يكونوا كذلك، أو كانوا يريدون أن يصدقوا ما يريدونه، أو لأن لديهم أجندات محددة في أذهانهم وضمن إستراتيجياتهم.

ولقد تم الوفاء بالوعد الذي أعطي للمسؤول العراقي، والمتمثل في تمكينه من الخروج من العراق بسلام قبيل الغزو. والمعلومات المؤكدة من المسؤول العراقي يبدو أنها وصلت متأخرة بالنسبة لشيني ولم تكن كذلك بالنسبة لبوش، إلا أن بوش لم يقف موقفاً حازماً بالنسبة لمساعده، الذي كان يمثل القائد لصقور الغزو، وكان وزير الخارجية العراقي، آنذاك ناجي صبري، يؤكد من خلال وسيط عدم وجود سلاح دمار شامل في العراق.

والحروب الأمريكية بشكل عام مبنية على مبدأ غير صحيح ألا وهو: (فل نحاربهم في عقر دارهم)، الرئيس الديموقراطي الأسبق ليندن جانسون كان يقول كنا نحارب الشيوعيين في فيتنام لكيلا نضطر إلى محاربتهم في سان ديجو، ومثله بوش الذي طالما كرر المعنى نفسه مراراً، ومن الصعب الدفاع عن هذه الأقوال بالعقل والمنطق. فلربما إذن أن أي توجه للحرب بالنسبة لبعض الدول سينطلق من هذا المبدأ.

والعراق كان يشبه بأسد بلا أسنان مقارنة بجارته الشرقية إيران، التي لديها السلاح النووي والتي تعمل على تطويره. فما احتمال قيام حرب ضدها بناء على شيء مؤكد، إذا ما قورنت بالحرب ضد العراق، التي قامت على شيء غير مؤكد؟ والشيء الذي يجدر ذكره هنا تباين التوجهات بالنسبة لغزو العراق، فمن الأمريكيين العاديين، قبل حرب العراق، وتحديداً قبل خطاب بوش في يناير من عام 2003م، لم يكونوا مؤيدين غزو العراق، ومنهم من يقول إن الحرب ضد صدام هي حرب ضد الإرهاب، ومنهم من كان قلقاً على فقدان عمله نتيجة لدخول بلاده في حرب جديدة.

وتحولت الحرب ضد الإرهاب إلى حرب ضد المبادئ، كما أن الحرب التي خاضتها وتخوضها أمريكا باسم الإرهاب عانى ويعاني منها الكثير فهناك التحول الاقتصادي السلبي الذي تشهده أمريكا من ارتفاع في سعر الوقود وانخفاض حاد في سعر المساكن. ودخلت أمريكا، في محاولتها لمحاربة الإرهاب، فيما أسماه مساعد الرئيس الأمريكي (بالجانب المظلم). والمقصود بذلك قيام الدولة بأي عمل في سبيل حربها ضد الإرهاب، حتى لو ترتب على ذلك معاناة للمواطن الأمريكي، أو التصنت على مكالماته الهاتفية. ولقد قال المشرف على مكتب مساعد الرئيس الأمريكي ما معناه أن الرئيس الأمريكي يمكن أن يكون فوق القانون لو تطلب الأمر ذلك، وفي نظر الناس يشكل هذا الفكر الجديد تعارضاً وتصادماً مع الدستور ومع القيم والمكتسبات الوطنية، والخافي أعظم بالنسبة لما اتخذ من إجراءات لمحاربة الإرهاب.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد