يبذل مجلس التعليم العالي جهوداً كبيرة في سبيل توحيد جهة الاختصاص فيما يتعلق بالدراسات الجامعية في مختلف التخصصات؛ وذلك سعياً لتوحيد مجالات التعليم العالي تحت مظلة وزارة التعليم العالي. إن هذا التوجه سيحقق - بلا شك - فوائد كثيرة من أهمها تنسيق القبول في كليات التعليم العالي، لأن كثيراً من خريجي وخريجات الثانوية العامة يصرون على الالتحاق بكليات الجامعات، وذلك نظرا للثقافة المجتمعية التي تدفعهم إلى ذلك، ولعجز الجهات التعليمية الأخرى عن استقطابهم ابتداءً!.
ولقد أعطت الدولة - وفقها الله- الكثير من الميزانيات بمليارات الريالات للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، سعياً لتخريج الآلاف من الكوادر الفنية السعودية المؤهلة والمدربة في الكليات والمعاهد التابعة للمؤسسة. ولقد كان الجميع - بناءً على تصريحات مسؤولي المؤسسة عند افتتاح الكليات أو مراكز التدريب - يأمل ويترقب مشاهدة الكثير من خريجي هذه الكليات الأكفاء والمدربين والمؤهلين وفق المعايير الموجودة في أكثر الدول تقدما في العالم، لكننا - للأسف - نجد أنفسنا وشبابنا أمام واقع مختلف، بل إن الجميع يلحظ أن كثيراً من خريجي وخريجات الثانوية لا يقدمون على الالتحاق بالكليات التقنية والمعاهد الفنية إلا إذا فقدوا فرصة الحصول على مقعد في إحدى الجامعات. وهنا يلزمنا البحث عن حل لتكون الكليات التقنية جاذبةً لهؤلاء الخريجين وقادرة على توفير الكوادر التي تطلبها المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، وذلك من خلال إجراء دراسات ميدانية تشارك بها جهات محايدة لمعرفة حجم استقطاب هذه الكليات للشباب، وللتعرف على ما وفرته المؤسسة من احتياجات السوق من الفنيين المؤهلين بعيداً عن أية اعتبارات.
وبما أن الحديث عن توحيد جهة الإشراف والمتابعة، فإن تجربة ضم كليات المعلمين وكليات البنات لوزارة التعليم العالي ربما تكون محفزاً لصانعي القرار لاتخاذ خطوات مماثلة من خلال العمل على ضم الكليات التقنية للجامعات، وذلك سعياً للرفع من مستوى برامج هذه الكليات، مما سيكون له -إن شاء الله- الأثر الإيجابي على مخرجاتها من حيث الكم والكيف. وهناك اقتراح آخر يتمثل في جعل الكليات التقنية في جامعة واحدة باسم (الجامعة التقنية) تحت مظلة وزارة التعليم العالي؛ مما يساعد في تطويرها وتغيير النظرة السائدة بين الشباب والشابات تجاه التعليم التقني المهني. إن (الجامعة التقنية) -في حال وجودها- ستكون انطلاقة قوية للمواصلة في إيجاد تعليم تقني ومهني ذي مواصفات عالية يستقطب كثيراً من خريجي وخريجات الثانوية العامة كما هو حاصل في العالم المتقدم، كما ستساعد هذه الجامعة في تلبية احتياجات سوق العمل وتحقيق متطلبات التنمية لهذا الوطن الغالي.
إني أعتقد أن الكليات التقنية -في حال انضمامها إلى وزارة التعليم العالي- ستساعد في إكساب الشباب من الجنسين معارف وعلوماً تساعدهم على المشاركة بالتنمية والحضور في المجتمع بشكل فاعل ومؤثر، وذلك من خلال تركيز كل مجموعة من الكليات على حرف ومهن المنطقة المحددة التي توجد بها هذه الكلية أو تلك. كما أنه من المؤمل أن تفتح (الجامعة التقنية) آفاقاً رحبةً وفرصاً كبيرة لهؤلاء الشباب لمواصلة تعليمهم في الجامعات العالمية المتقدمة في مجالات التقنية، مما سيكون له أثر كبير في تنوع الخبرات واختلاف المدارس والمكتسبات العلمية.
وأخيراً، فإن المهم ، والمهم جداً -من وجهة نظري- هو الارتقاء ببرامج الكليات التقنية، لاستقطاب أكبر عدد مكن من خريجي وخريجات الثانوية العامة وتأهيلهم تأهيلاً متميزاً بعيداً عن تبعيتها لهذه الجهة أو تلك.
alelayan@yahoo.com