ورد في لسان العرب لابن منظور: القوة: نقيض الضعف، والجمع قُوى وقوى، وقوله عز وجل: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ}أي بجد وعزم م وقوايته فقويته أي غَلبْته، ورجل شديد القوى أي شديد أشر الخَلْقِ مُمرُّهتعالى، وهي القواية، وقد قوي الرجل الضعيف يقوى قوة فهو قويِّ، وقويته أنا تقوية،
وقوايته فقويته أي غَلبْته، ورجل شديد القوى أي شديد أشر الخَلْقِ مُمرُّه.. وقوى الله ضعفك أي أبدلك مكان الضعف قوة، والضعف: خلاف القوة. والضُّعف بالضم في الجسد، والضَّعف بالفتح في الرأي والعقل.. والضَّعفة: ضعف الفؤاد وقلة الفطنة، ورجل مضعوف: به ضعفة.
لو نظرنا إلى العالم اليوم لرأينا الصراع على أشده بين الدول القوية والدول الضعيفة، ناهيك عن الصراع بين الدول القوية العظمى مع بعضها البعض، والخاسر في كلا الصراعين هي الدول الضعيفة، والدول القوية سعت وتسعى للسيطرة والاستيلاء والتملك والتسلط والإخضاع للدول الضعيفة واستغلالها في جميع جوانب الحياة. وهذه السيطرة والاستغلال البشع بحاجة إلى من يقاومها، وهذه المقاومة لها طرق ووسائل متعددة.
قد يسأل سائل: أين مكانة أمة العرب في هذا الصراع؟ والجواب الحتمي على هذا السؤال هو أن ما يسمى بدول العالم العربي هي في آخر قائمة الدول الضعيفة، فلا إرادة عندها، دول قد نسيت أو أنسيت تاريخها الحضاري والإنساني، نسيت ما قام به نبيها محمد بن عبدالله من الدعوة إلى خير الإنسانية عندما أمره ربه عز وجل بذلك، ونسيت ما قام به صحابته الكرام من بذل للنفس والنفيس في نشر الدعوة الإسلامية في أصقاع المعمورة، دول ما يسمى بالعالم العربي اليوم يُسيطر على مقدراتها أمريكا والعالم الغربي وتأتمر بأمرهم، دول تقطع أوصالها بالتجزئة وهي لا حراك، دول تخاف من دويلة صغيرة مزروعة كالسرطان في وسطها.. يقول التاريخ: ما بعد الضعف إلا الموت والهلاك والإندثار إلا إذا أعيدت الكرة من جديد؟؟
يقول نيتشه الفيلسوف الألماني الشهير: إرادة القوة لا يمكن أن تظهر إلا بواسطة الكفاح، إرادة القوة هي مقياس القيم في الحياة، من الضعيف، ومن القوي؟ الضعيف الشخصية هو المضطرب التركيب الروحي العديم الوحدة، أما القوي فهو الذي (تتجه فيه كل القوى متوترة نحو غاية واحدة، وتتضاعف دون صعوبة على شكل نير) أي أن قواه كلها مرهفة وموجهة إلى غاية واحدة، مكونة بذلك قوة دافعة ضخمة تسيطر عليه وتدفعه دفعاً، الضعيف هو رجل التساهل والتوسط والمساومة، أما القوي فهو من (يمثل الطابع المضاد للموجود الكائن أقوى تمثيل)، وليس للضعيف قدرة على مقاومة الإغراء، أما القوي فيحول الإغراء إلى طبيعته هو بأن يتمثله ويجعله جزءاً من قدره، ولهذا فالضعيف يهول في الإغراء تهويلاً شديداً ويصبح سلبياً بإزائه، لا يستطيع أن يرد فعله، ولا يحول دون سيطرته عليه، ولكن القوي يقابله برد فعل شديد، لا ليبعده ويتجنبه، بل يسوده ويخضعه لذاته، وتراه يقول: (مالا يقتلني يزدني قوة).. وحياة الضغيف فقيرة جوفاء، أما حياة القوي فخصبة كلها فيض وثراء، وكلاهما يتألم: الضعيف يتألم من العوز والإملاق، والقوي يتألم من الإفراط في الثروة والفيضان، الضعيف يريد السلام، والوفاق، والحرية، والمساواة، يريد أن يحيا حياة المحافظة على البقاء، أما القوي فيفضل المشكلات والهائل من الأشياء، الواحد منهما لا يريد أن يخاطر بشيء، بينما الآخر (القوي) يريد المخاطرة بكل شيء.
وتبعاً لمبدأ القوة ينبغي تقويم المعارف الإنسانية: فبمقدار ما تعلو بالشعور بالقوة تكون (الحرية) فيها، وبمقدار ما تكون وسيلة للحصول على القوة من أجل تشكيل الأشياء بحسب إرادتنا، تكون قيمتها.
نقول : إن ما يسمى بدول العالم العربي أو على التخصيص بأمة العرب تمتلك في الوقت الحاضر كل مقومات القوة، دينية، حضارية، مادية، لغوية، بشرية، ومكان محدد مترابط.. و... و...الخ ولكنهم مع الأسف في نومهم كنومة أصحاب الكهف.
المراجع :
د. عبدالرحمن بدوي، موسوعة الفلسفة.
dr.a.hawawi@hotmail.com