من الطرق الناجحة لترويض النفس لتتقبل ما لم تكن تتقبله من أشياء محسوسة بالمشاهدة أو اللمس أو التذوق ونحوها، هي طريقة إقناع الذات والإيحاء لها بأن هذا الشيء يمكن قبوله والتعامل معه كغيره من الأشياء المقبولة للنفس عادة، وإن كانت هذه الطريقة صعبة بعض الشيء إلا أنها ممكنة والتجارب تؤكد ذلك، وسأختار عشوائياً مثالاً لعله يقرب الفكرة، فالكثير من الناس لا يحبون منظر العنكبوت فضلاً عن ملامسته أو اقتنائه، فكيف يمكن أن تتألف معه؟! التجربة تقول: اقنع ذاتك بأنه مخلوق مثلك ثم افعل ما يضمن نظافته، ثم تأكد من زوال خطره عليك إن كان ساماً، بعدها اجعله في حيز يمكن من خلاله مشاهدته تكراراً ثم ملامسته فحمله على اليد مرة في اليوم، وستجد نفسك بعد أيام قليلة تتجه لتتفقد أحواله كأي حشرة أو حيوان أليف لديك.. هذا المثال (وإن كنت تجده سخيفاً) سيقربك للتآلف مع أشياء كثيرة قد تنفر منها أحيانا أو دائما، ولا تنس أنك مخلوق أيضا وأنك قد تنفر من الآخرين من جنسك، أو أنك لا تحب بعض طباعهم وألوانهم وتوجهاتهم، ولكن حين تضطرك سبل المعيشة أو السكن إلى التعامل معهم فإنك سرعان ما تألفهم، وهذا سر من أسرار الخلق، انظر إلى الأقزام السود يحبون ويعشقون، والفراشات والخنافس والسحالي لها غرائزها وأسلوب حياتها، تأمل النمل والنحل والدود واليعسوب سترى عجباً من طرق سلوكها ومعاشها مع بعضها، كل ما عليك هو أن تثبت لذاتك أنك مخلوق مكلف لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً!!.