مجزرة الجزائر التي حدثت أمس وأوقعت عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجزائريين سواء كانوا مدنيين، أو رجال أمن تُذكرنا من جديد بالوجه البشع للإرهاب وقناعات التكفير التي ابتلي بها العالم الإسلامي وأصبحت من أهم مهددات الاستقرار به، وما يجرح فواد كل مسلم أن غالبية هذه الأعمال الإجرامية والإرهابية تُرتكب باسم دين الرحمة والسلام تحت ذرائع استغلها أصحابها وطوعوها من أجل مصالحهم الخاصة التي تتنافى مع كل مقومات الأديان والوطنية والإنسانية بشكل عام.
مرَّ المجتمع الجزائري فيما مضى من السنين بأصعب المحن عندما كشَّر الإرهاب عن أنيابه القاتلة واستباح المال والنفس والعِرض، وأطلق الإرهابيون موجات الموت الجماعي على المدنيين في هجمات دموية تنبع من فكر التكفير والإقصاء الذي لا يعترف بالآخر ما لم ينحنِ لأيديولوجياتهم السوداء التي لا تُبقي ولا تذر في طريقها المدمر، وبعد أن طبق نظام المصالحة للملمة جراح الوطن وترتيب أوراقه من جديد، عادت زمر الإرهاب والقتل لاستهدف استقرار الوطن وخلق ملامح سني الحرب السابقة به، فمن المعروف أن أدوات التكفير غالباً ما تنعق بكفر رجال الأمن واستباحة دمائهم.. وهذا ما يبرر استهداف المدرسة الجزائرية الخاصة بتدريب قوات الأمن، في بادرة خطيرة تعتبر من أشد كارثيات انتشار فتاوى التكفير التي ابتليت بها الأمة.
ويظل الإرهاب إحدى المشاكل العربية، بل والإسلامية المعاصرة التي تثقل كاهل المجتمعات وتهدد ديمومتها الإنسانية والحضارية، وتظل قضية التعامل معه فكرياً وعقائدياً هي الأهم والمعوَّل عليها في دحر هذه الآفة وقطع دابرها، فكم من قضية عربية أو إسلامية ركب الإرهابيون قطارها لتمرير أجنداتهم الخاصة.. وكم من مفهوم خُلطت أوراقة عقلياً وفكرياً من أجل خلط الزيت بالماء لتبرير سوداويات الإرهاب وتحقيق فتاواه المروعة.