لا علاقة بيننا ولا سابق معرفة أتيته بحكم موقعه الوظيفي لأمر ينتهي عنده.. شيخ فاضل تلمح على وجهه أنواراً تقول: أن ما يوقدها نفس كريمة تعرف ربها وترجو مرضاته، هكذا حسبته والله حسيبنا، كنت بصحبة أبنائي الثلاثة ننتظر منه إكمال ما تواجدنا عنده لأجله، فقال موجهاً حديثه إلى أبنائي بعد حوار دار عن كيف يكون النجاح بعد الفشل، أن أزهد الناس في علم وخلق الإنسان أقربهم إليه، وهو يشير إلى حسن ظنه بي ويوجه أبنائي إلى الاستفادة من خلق وعلم أبيهم - وفي هذا مجاملة لي ولباقة منه أثابه الله عليها وجزاه على حسن ظنه بي خير الجزاء - ومضى يبين مفاهيم نحن جميعنا بحاجة دائمة لاستذكارها والوقوف عندها، ثم انتهت مسألتنا المتعلقة به ومضيت وأبنائي إلى حال سبيلنا.
في البيت عندما عدت، قرعت عبارته كل أبواب عقلي، وتردد صداها في ذهني أكثر من مرة على الرغم من مجاهدتي لنسيانها أو إهمالها لكنها في كل مرة كان قرعها يقوى وصداها في نفسي يكبر ويفرض علي الوقوف عندها والتأمل، وتثور في نفسي صور كثيرة أراها في كثيرين من حولي يزهدون في علم أقرب الناس لهم، ويتجاهلون منفعة يعرضها عليهم بسلوكه أو قيمه وما يبديه من مفاهيمه وأفكاره، تعزز ما ذهب إليه شيخنا ونقله لنا بأن أزهد الناس في الخير الموجود في كل إنسان هم أقرب الناس إليه، فترى كثيرين في حياتهم رجلا فاضلا أو رجلا صالحا أو عالما بإمكانهم أن ينهلوا من نبعه ما يعينهم على ثبات أمورهم أو ينتفعون منه فيما يدعم توجهاتهم، لكنهم عوضاً عن هذا لا يحرصون على ما بين أيديهم ويزهدون فيه ويبحثون دائماً عن بعيد يتعلمون منه ويقتدون به.. والله المستعان.
