فرحت بالدعوة التي أبلغني إياها أخي السيد الأستاذ خالد الحسيني، هذا الابن البار والكاتب المحترم الذي يحرص على تتبع قضايا الوطن. وقد التقيت في هذه الدعوة بمجموعة من صفوة مديري الجامعات ووكلائها وأساتذتها..

.. وصفوة أخرى من رجال الإعلام، وكان حواراً مميزاً حول مستقبل التعليم العالي في بلادنا.

والحق أن المناقشة أشعرتنا بالثقة، فقد أحسسنا بأن الرجال الذين يقومون على أمر الجامعة في بلادنا في أنحاء المملكة هم محل الثقة والتقدير والمسؤولية والوعي، وذلك عندما تحدث بعض مديري الجامعات وفي مقدمتهم الأخ الدكتور عبد الله العثمان، وطرح طروحات واعية وجريئة وواقعية تطمئن النفس بأنه وأمثاله وزملاءه يدركون أوضاع الجامعات حالياً، ويتحسبون لمستقبلها ويناقشون بواقعية ما لها وما عليها، وقد طرح الرجل طروحات أشعرنا فيها بأنه يعترف بالفجوة الواضحة والجلية بين التعليم الجامعي عندنا وبين التعليم الجامعي في الدول الأخرى، ويعترف بكل صراحة بأن هنالك دولا من الدول النامية سبقتنا في إعادة النظر في تعليمها الجامعي وغيّرت من مناهجها وتوجهاتها بحيث جُعِلت الجامعات في خدمة المجتمع، بل وجعلها مصانع للرجال والنساء من قادة العلم والفكر والأدب ومورد للثروة البشرية بحيث أغنتهم عن العالم ورفعت من شأنهم وقضت على البطالة عندهم، وأخذت بيد بلدانهم نحو مستوى أفضل من التنمية الحقيقية في شتى المجالات، وأن علينا أن نعمل بجرأة وواقعية لكي نلحق بهذا الركب وبسرعة حتى نقصر الفجوة بيننا وبينهم، وبأمانة حتى لا نجني على أجيالنا ونضيع ثرواتنا ونكون لقمة سائغة لعمالة بلغت الملايين من أنحاء الدنيا ضايقت اليد العاملة عندنا، بل وأثرت في حياتنا الاجتماعية وفي أخلاقنا وقيمنا وفازت بنصيب وافر من ثرواتنا حولتها بكاملها للخارج إلى بلادها. فشكرت لأخي الدكتور عبد الله العثمان هذه الجرأة وهذه الصراحة.

ثم سررت بحديث أخي الدكتور علي العطية عندما استعرض مجموعة من المشاريع التي أذهلتنا في أنحاء المملكة للجامعات، وكانت في غاية الجمال والروعة المعمارية وفي مواقع ممتازة وبتصاميم عالية، وكان حديثه عذباً وجميلاً ولو أنه ترك في أنفسنا أسئلة كثيرة عن كيفية تشغيل هذه الجامعات وإدارتها وصيانتها وتوظيف خريجيها مستقبلاً. لكنها في مجملها تبشر بخير، وبلغت ميزانياتها في مجملها 80 بليون ريال.

وقد تساءل الصديق العزيز الشريف الأديب والعالم الجليل عبدالله فراج الشريف عن خطورة اهتمامنا بالكم على حساب الكيف، وتحدث عن تجارب سابقة ألقى الضوء عليها وطلب الاستفادة منها.

ثم ناقش مجموعة من الإخوان واقع الجامعات الحالية وما حققته من نجاحات، وكان لأخي الدكتور أسامة الطيب دوراً بارزاً في إدخال الطمأنينة على النفوس على مستوى جامعاتنا الحالية، وضرب مثلاً بجامعة الملك عبد العزيز وحصولها على تقدير واحترام جامعات ومراكز عالمية. وكذلك جاء حديث أخي الشريف هاشم حريري. وكانت الجلسة في مجملها تبشر بخير، وخرجت منها أنا ومجموعة من الزملاء ونحن نشعر بسعادة غامرة؛ لأن مثل هذا اللقاء يبشر بخير ويدل على رغبة الجميع في مسيرة أفضل للتعليم الجامعي وبالتالي ما قبل الجامعي.

وشعرت بأن من واجبنا أن نرفع أيدي الشكر لله عز وجل الذي أكرمنا وبارك في هذه المسيرة حتى تطور التعليم عندنا من كليتين منفردتين إلى ما يزيد على 21 جامعة، ومن ميزانية في حدود مليون ريال إلى ثمانين بليون ريال؛ فاللهم لك الحمد أولاً وأخيراً، ولأخي معالي وزير التعليم العالي د. إبراهيم العنقري وأسرة التعليم العالي التهاني، ولكن لابد من كلمة حق وهي أن التعليم العالي لم يستطع أن يحل المعضلة بمفرده ولابد من تعاون جاد بين وزارة التربية والتعليم للعناية بالمراحل الأولية، ثم المتوسطة والثانوية لأنهم يعدون الأساس الذي يعتمد عليه التعليم العالي، كما أن على التعليم الخاص مسؤولية، ولا تكفي مسألة الكراسي التي تقدم من رجال مخلصين في هذا الصدد ولكن علينا أن نتحمل مسؤولية تطوير التعليم ونساهم فيه وعلى الجامعات أن تمد أيديها وتستعين بالقطاع الخاص بفكره وخبرته ووعيه وقدراته الاقتصادية، ومن ثم تشركه في قرار تطوير التعليم وإدارة التعليم ولا بأس أن تضم مجالس الجامعات والتعليم العالي مجموعة من رجال العلم والفكر والثقافة والأدب ورجال الأعمال والمال؛ فهذا باب من أبواب التعاون على البر والتقوى..

ونسأل الله التوفيق والسداد، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.