عادت مرة أخرى.. بل هي مرات.. (طيحات) و(سقطات) و(خسوف) سوق الأسهم.. بعد أن شهد شيئاً من التعافي البسيط ليهوي مرة أخرى.. ويُطيِّر معه فلوس (الطفارى) المساكين.. الذين استدانوا واستلفوا على الراتب.. محاولين أن يخرجوا بشيء يساعدهم على الزواج أو امتلاك المستحيل حتى لو كان في مخطط (عْرِيض) أو (طْعُوس سِعْد) وهو البيت.
** هناك من لا وظيفة له (عاطل) وما أكثرهم.. استلف وذهب (يطقطق) في سوق الأسهم بهذه (الطفسه) التي استدانها أو استلفها حتى لا يكون عاطلاً.. وحتى لا يكون عالة على غيره.. وحتى لا تتقاذفه الشياطين يميناً وشمالاً ولكن كل شيء.. طار مرة أخرى.. وأضيف هؤلاء كرقم جديد لأرقام الضحايا السابقين الذين تناثروا.. هروباً من الواقع المرير.
** حقيقة.. سوق الأسهم لدينا.. لم يكن سوى مصدر سوء وضرر.. ولم يكن سوى معهد لتخريج العاطلين والمفلسين والمرضى.
** ضحايا سوق الأسهم السابقين واللاحقين هم من مرض.. ومنه من أُصيب بأزمة نفسية.. ومنهم من هرب على وجهه خوفاً من الديون.. ومنهم من دخل عالم العاطلين بكل تصنيفاته وأطيافه.
** نحن اليوم.. نحتاج إلى إدارة كبيرة أو مؤسسة أو هيئة لرعاية ضحايا سوق الأسهم.. حتى لا يكونوا أرقاماً في مناشط تضر المجتمع.
** سوق الأسهم بسوء إدارته و(سوء التدبير) فيه.. يسلم لنا كل فترة (مفرزة) كبيرة من البشر ضاعوا في داخله أكلت فلوسهم.. وخرجوا ما بين طفارى.. ومفلسين.. ومديونين.
** وهؤلاء الذين تدمرت نفسياتهم.. لديهم قابلية لعمل أي شيء.. وأكثرهم شباب.. بمعنى.. أنهم أداة مطواعة في كل يد.
** نحن هنا.. لا نريد إصلاح سوق الأسهم أو التدخل لحل مشاكله.. لأنه ثبت أن ذلك مستحيل.. وأننا عاجزون عن إصلاحه.. أو نحن لا نريد ذلك.. بل نقول: انتبهوا لضحايا سوق الأسهم.. واهتموا بهؤلاء الضحايا.. ووجهوهم إلى وجهة تشغلهم عن الفراغ وتنسيهم المصيبة أو المصائب التي حلت بهم.. حتى لا يتحول أكثرهم إلى أداة هدم أو مصدر ضرر للمجتمع.
** خريجو سوق الأسهم أو الضحايا (الموسميون) الذين يدفعهم لنا ما بين وقت وآخر سوق الأسهم.. ما لم نهتم بهم.. وننتبه لهم.. فقد تكون العواقب ليست على ما يرام.
** (سوق الأسهم) هذا المرفق الذي أصبح ذكره مكروهاً.. وأصبحت سمعته سيئة.. عندما يمر ذكره في أي مجلس.. يمطره الحاضرون كل الحاضرين بعشرات اللغات والسباب.. وصار ذكره.. أشبه بذكر الأمراض الخطيرة.. كالجدري والسل.. والكوليراء.. أو هو أشد وأسوأ.
** هذا السوق السيئ.. كلما تعافى وتحسن وأقبل الناس عليه.. اتخذ قرارات جديدة كفيلة بتفخيخه والإطاحة به.. وكفيلة بطرد رؤوس الأموال والسيولة إلى الخارج.
** قرارات سوق الأسهم.. تذكرنا بتعاميم وزارة التربية والتعليم.. الموجهة للمعلمين والمعلمات.. كلها تهديد ووعيد.. وكلها إنذارات وسوء ظن.. وكلها عقوبات وخصومات ولا يمكن أن تجد قراراً إيجابياً أو مفرحاً.. أو قراراً يطمئن الناس.
** سوق الأسهم قبل ثلاث سنوات.. أنهى وجود العاطلين تماماً.. وصار رقم العاطلين تحت الصفر.. حيث انشغل الشباب والشابات في سوق الأسهم.. وقلَّ الإقبال على الوظائف.. حيث وجد الجميع فرصة عمل مغرية.. حتى (طاح تلك الطيحة) الشهيرة..وتبعه عدد من (الطيحات) المتلاحقة من الجنسية.. كلهم تحولوا إلى صعاليك وفقراء ومعدمين وشحاذين.
** والمشكلة الكبرى لهؤلاء والانعكاسات السلبية الخطيرة.. لن تظهر الآن.. بل ستظهر إذا صاروا وجهاً لوجه مع الحياة.. ومع الديانة ومع من أخذوا فلوسه سلفاً أو ديناً أو تشغيل ماله وقالوا.. أين فلوسي؟ هاتوا حلالنا وإلا...؟!
** ستظهر إذا شعر هؤلاء.. أنه ليس أمامهم سوى السجن (الحبس).. ولك أن تتخيل شخصاً مهدداً بالسجن في أي لحظة.. ماذا عساه أن يفعل؟!
** خريجو (سوق الأسهم) يحتاجون إلى التفاتة لرعايتهم.. أو على الأقل.. عمل حسابهم في المستقبل لأن سوق الأسهم.. قدم لنا مجموعة ضخمة من خريجيه.. ولا زال يقدم لنا في كل موسم.. مجموعة كبيرة آخرها.. ضحايا (الطيحة) الأخيرة قبل أيام.
** نحن لا نقول.. حلوا مشكلة سوق الأسهم أو (شوفوا لها دبره) لأن ذلك مستحيل.. أو هناك من لا يريد الحل.. بل نقول.. تنبهوا لهؤلاء الضحايا.. واعملوا لهم حساباً في خططكم المستقبلية.. فهم يتزايدون كل سنة وأعدادهم بالآلاف.. والمسألة ليست هينة.. المسألة.. أكبر مما يتصور من يُشرِّع وينظم ويصدر قرارات في سوق الأسهم ولا يهمه التبعات.