كم أتمنى أن تتوج رياض العز من جديد عاصمةً للثقافة العربية، بعد أن نكون قد حققنا الأماني التالية:
1- أن نكون قد أفلحنا في المناسبة الأولى في التعريف بمنجزنا الثقافي مهما كانت قيمة هذا المنجز، كما في الإنتاج، وتواضعاً في التأثير، لكنها كانت بلا شك خطوة مهمة تحثنا على فعل المزيد مما يؤهلنا لعبور الحدود صوب ثقافة (الآخر) باقتدار، وأتمنى ألا تحل المناسبة الثانية لتولي الرياض عمادة الثقافة العربية إلا وقد نما باعنا، إنتاجاً وشموليةً وإبداعاً!
***
2- أن نحصد خلال الفترة الفاصلة بين ما كان وما هو آتٍ المزيد من الشفافية الممزوجة بالشجاعة في مواجهة القصور في مشهدنا الثقافي والجرأة على التعامل استشرافاً لما هو أفضل، وأن يكون في هذا المشهد ما نباهي به العرب والعجم!
***
3- أن نتجاوز في حراكنا الثقافي، بكل أبعاده، مرحلة المحاكاة والتقليد والاقتباس في بعض مناشطنا الثقافية إلى مرحلة غير مسبوقة من التفوق الإبداعي يحمل بصماتنا، ما أمكن إلى ذلك سبيلاً!
***
صحافة الأمس واليوم
- الفرق بين صحافة الأمس وصحافة اليوم.. شاسع ومعقد، صحافة الأمس كانت تقوم على أكتاف (أفراد) قلائل، هم في الحقيقة رواد في الرأي والمعرفة والفكر، ويقف شاهداً على ذلك الشيخ حمد الجاسر، والشيخ عبدالله بن خميس، والأخوان حافظ والأستاذ أحمد عبدالغفور عطار، والأستاذ صالح جمال والأستاذ عبدالله شباط وغير أولئك كثيرون ممن لا تلهمني الذاكرة أسماءهم، رحم الله من مضى منهم، وحفظ من بقي، وكانت صحافتهم تتكئ في الغالب على (الرأي) أكثر من النبأ، عرضاً وتحليلاً!
***
- أما صحافة اليوم.. فقد شهدت نقلاتٍ نوعيةً كبيرة، أبرزها (مأسسة) الحراك الصحفي وشموليته، وتحريره من سيطرة الرأي الواحد، بقدر غير هيّن، وإن كانت بعض قيادات مطبوعاتنا المحلية المعاصرة تذكرنا صحفياً ب(الذي كان) في سالف العهد والأوان!
- باختصار صحافة اليوم تغرد عبر مساحات كبيرة من الخبر والتحليل.. والرأي والرأي المضاد، لكن.. هناك دائماً الأمل فيما هو أفضل بإذن الله!
***
النبوغ.. والتفوق، ما الفرق؟
- يخلط البعض أحياناً بين النبوغ والتفوق، وكأنهما لفظان مترادفان معنىً، في حين أن التفوق، بمعناه المعهود والمشهود، هو في أغلب أحواله وأفعاله محصلةٌ ل(النبوغ) وترجمةٌ له، أما النبوغ فهو موهبة عقلية ونفسية يسخرها الله لمن يشاء من خلقه.
وبمعنى آخر، الفرق بين النبوغ والتفوق هو أن الأول موهبةٌ إلهية إبداعية، جزء منها قد (يولد) المرءُ به وراثياً، والجزء الآخر، (ينمو) وسط معطيات إيجابية بيئية وتربوية وسلوكية واجتماعية، أما التفوق فهو ثمرة التحصيل الجاد والجهد المثابر والعزم الصادق وصولاً إلى الغاية المنشودة، وبوجه عام كل امرئ يمر بمرافئ عديدةٍ من النمو يمتص خلالها التجارب والمعارف والخبرات، تشكله ويتشكل بها بدءاً بصرخة الميلاد، وانتهاءً بصمت اللحد!
***
- أما مشوار التفوق في أي نشاط إنساني فهو أمر محفوف بمشاق يذللها، بعد عون الله، قدر من الذكاء ثم العزم والثقة والعمل الدؤوب الذي لا يدركه أرق، ولا يحبطه يأس، ولا ينال منه الغلو في الحذر درءاً للخطأ!
ومن قال إن للتفوق (خارطة طريق) تغاير ما ذكر، فهو إما متيم بأحلام من ورق أو مجنون!
***
- بقي لي أن أقول في الختام إن درب التفوق في أي نشاط إنساني يبدأ مطرزاً بالشوك.. وينتهي متوجاً بالورد، وهذا هو الفرق بين الذين يعملون والذين لا يعملون!