رحل الوالد الشيخ عبد الله بن محمد الغانم - رحمه الله - في عصر يوم الأربعاء الموافق 20-7-1429هـ، حيث مكث في العناية المركزة في مستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة أكثر من شهر، وعانى كثيراً من المرض.. ولعل هنا أعرض بعض المعلومات عنه - رحمه الله - حيث أمضى في إمارة ثم رئاسة مركز أبا الورود بمحافظة الأسياح أكثر من خمسة وخمسين عاماً، في خدمة الدين ثم المليك والوطن، عاصر وبايع خلالها جميع الملوك ابتداء بالملك عبد العزيز - طيب الله ثراه -، وانتهاء بالملك عبد الله - حفظه الله ورعاه -. |
كان - رحمه الله - صاحب دين وطاعة وكم رأيته في جوف الليل راكعاً وساجداً، وتوفي وهو يحثنا على الصلاة والتآلف وفعل الخير. عرف عنه - رحمه الله - حبه لخدمة المواطنين وقضاء مطالبهم، والوقوف بجانبهم وحل مشكلاتهم. |
كما عرف عنه - رحمه الله - حبه للأيتام والفقراء والمرضى فقد كان يزورهم في بيوتهم، ويطمئن على أحوالهم، ويتفقد حاجياتهم. |
- جعل بيته مأوى للمظلومين والمحتاجين وعابري السبيل، فبابه لا يغلق، وكل أمنياته ضيف يشاطره وجبته، أو محتاج يقضي حاجته، أو مظلوم يهب لنصرته. |
وداعاً يا أبي فقد رحلت وخلفت حملاً ثقيلاً، تركت حملاً كانت دموع جموع المصلين شاهداً عليه، رحلت وقلوبنا تئن، وعيوننا تهمي، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. |
هذه أبيات من الأعماق أسوقها علها تعبر عن شيء مما في القلب... |
يا صحب ما بال دمع العين قد وكفا؟ |
وصير القلب للأحزان معتكفا |
وحوَّل الصبح من نورٍ يضيء لنا |
إلى سوادٍ.. بلون الليل متصفا |
وليلنا قد غدا هماً نكابده |
والنوم قد غادر الأجفان وانصرفا |
هل حق ما سمعت أذني وأفجعني؟ |
هل حق أن أبي بالموت قد خطفا؟ |
قد غافل الموت من قد كنت أحسبه |
طول الزمان هنا.. فانهد وانقصفا |
واختار سيف الردى أصلي فوا أسفا |
وليت ينفع شيء.. قول وا أسفا |
أقام شهراً بدارٍ ما وجدت له |
فيها شفاء.. ولا الطب الحديث شفى |
أتيته ساكناً والعين مغمضة |
فخلته سكنت أوجاعه.. فغفا |
لكنما هو نزع الموت في جسد |
شكا المتاعب والآلام والكلفا |
أوَّاه أوَّاه.. لو أبكي له أبدا |
دم الحشا ما كفا لو سال وانكشفا |
أوَّاه.. ذاك أبي يا من يعاتبني |
جهلاً وليس أخو جهلٍ كمن عرفا |
يا من يصبرني.. لا ترتكب خطأ |
هيهات تبصرني بالصبر متصفا |
إني دهيت بما لو ذاقه بشر |
لخر من روعه ميتاً قد انخسفا |
آليت أبكي أبي ما طال بي زمن |
يا إخوتي.. فقفا نبك الحبيب قفا |
غاب الذي كان إن شيء ألم بنا |
يظلُّ منكسر الأضلاع مرتجفا |
غاب الذي كان للأيتام والدهم |
ذاقوا بكنف الحبيب العطف والرأفا |
غاب الذي كان للدنيا ينير بها |
الكل ينهل من علمٍ به عُرفا |
(أسياحنا) قد غدت من بعده طللا |
و(أبا الورود) كساهُ الحزن والتحفا |
يا ربِّ جاز أبي في القبر منفسحا |
وفي الرياض له نور ومؤتلفا |
ياربِّ واجعل له الظلماء منورة |
واجعل له يا إله الخلقِ ملتحفا |
ونضرن وجههُ يوم الحساب إذا |
يمينه حملت يا ربي الصحفا |
ياربِّ في جنة الفردوس أنزِله |
مخلداً بجنان الخلد قد شرُفا |
واجمع به يا إله الكون من عُرفوا |
بالأنبياء وبالأصحاب والسلفا |
والصادقين وخير الخلق كلهمُ |
محمد المصطفى أكرم به شرفا |
واحفظ لنا يا إلهي نور دنيتنا |
ذات الحنان الذي عشنا به كنفا |
وفي الختام سلامُ الله يا أبتِ |
والله حسبي فيما صابني وكفى |
ثم الصلاة على المختار سيدنا |
محمدٌ.. ما شدا طيرٌ وما هتفا |
الأسياح - أبا الورود |
|