Al Jazirah NewsPaper Sunday  17/08/2008 G Issue 13107
الأحد 16 شعبان 1429   العدد  13107
الصحاري وعشق الباز لها 1-2
الدكتور عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ

في يوم الأربعاء 23 يوليو بمدينة بوسطن، عند الساعة التاسعة صباحاً، كنت على موعد مع الدكتور فاروق الباز، رئيس مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن.

التقيت به في مكتبه رقم 433، الواقع في الدور الرابع من مبنى الآداب والعلوم في الجامعة،

وبالتحديد 685 كومنولث أفنيو. الدكتور الباز، الباحث ومدير مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن وأستاذ الجيولوجيا في كلية العلوم جامعة عين شمس بالقاهرة، وعضو أمناء مؤسسة الجيولوجيا الأمريكية في بولدر بولاية كولورادو. الباز من مواليد بلدة الزقازيق بدلتا نهر النيل، تخرج في جامعة عين شمس عام 1958م بتخصص كيمياء وجيولوجيا، وما بين عامي 1958 و1960 درس الجيولوجيا في الجامعة ذاتها التي تخرج فيها، إلا أن طموحه الوثاب جعله يتطلع إلى المزيد من الدرجات العلمية. سعى إلى بعثة خارجية وحصل عليها إذ ابتعث إلى الولايات المتحدة وحصل على ماجستير في الجيولوجيا عام 1961م من جامعة ميسوري الأمريكية، وفي عام 1964م حصل على درجة الدكتوراة في الجيولوجيا من الجامعة نفسها، بعد أن قام بإجراء بحثه في معهد ماستشوسس للتقنية MIT في مدينة كيمبرج.

وما بين عامي 1967 و1972 شارك الباز في برنامج أبولو، بصفته مشرفاً على التخطيط العلمي القمري لشركة بيلكومان، التابعة لآي تي آند تي، التي أجرت دراسة لمؤسسة الفضاء الأمريكية في واشنطن دي سي. وخلال تلكم الست سنوات كان سكرتيراً للجنة اختيار الهبوط لرحلات أبولو القمرية، والباحث الرئيسي للملاحظات البصرية والفوتوغرافية، ورئيس مجموعة التدريب الفضائية، وقد شهد له رجال فضاء برنامج أبولو بقدراته التدريسية. وعند دورانه حول القمر للمرة الأولى على متن أبولو 15، ذكر ألفرد وردن ما نصه: (بعد تدريب الملك (اسم الدلع لفاروق) أشعر أنه سبق لي أن كنت هنا).

تعرفت على الدكتور الباز، بصفة شخصية، في عام 2003م عندما تم دعوته من قبل الجمعية الجغرافية السعودية، كنت رئيساً لمجلس إدارتها آنذاك، بمناسبة عقد اللقاء الثالث للجغرافيين العرب، الذي عقد في الرياض برعاية كريمة من لدن سمو ولي العهد، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، حفظه الله. ولقد شارك الدكتور الباز في ذلك الملتقى بصفته المتحدث الرئيسي، وعندما كان متجهاً إلى الرياض، من مطار عمان في الأردن، اكتشف أن تأشيرته منتهية، وبأعجوبة أعطي تأشيرة من السفارة السعودية في عمان واستطاع أن يصل لقاعة الشيخ حمد الجاسر بجامعة الملك سعود قبل ساعة فقط من موعد المحاضرة، وكان يداعب من التقى به ويقول: لقد أتيت على صاروخ لقاعة المحاضرات، وهذا لقائي الثاني في مكتبه بجامعة بوسطن.

بدأت الحديث معه عن زيارته لحائل في شهر إبريل الماضي، بدعوة من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن، أمير منطقة حائل، حيث ألقى محاضرة عن الصحاري العربية، وذكر لي أنه أتيحت له الفرصة، ولأول مرة، لزيارة صحراء النفود خلال هذه الزيارة وبمساعدة من إمارة المنطقة. أما عشقه للصحراء وحديثه عنها فلا يكاد ينقطع، ولا يمل ولقد انتهزت الفرصة لأسأله عن الجدل العلمي حول كون الصحاري خازنات ومن ثم نافثات لثاني أكسيد الكربون، المسهم في التسخين الأرضي، فابتسم وقال: كله تهويل، الأرض مرت عليها خلال العصور الجيولوجية، الموغلة في التاريخ الجيولوجي، فترات من التسخين قبل أن يضع الإنسان قدما له عليها.

ثم دار الحديث معه عن المياه المخزونة في عمق الصحراء المغطاة بالكثبان الرملية، فذكر لي ما معناه، (البعرة تدل على البعير) قاصداً أن الحمل الصخري المفتت، ومن ثم الخزن له، عبارة عن عمليات كيميائية هيدرولوجية، فكانت هناك مياه قبل أن تكون هناك رمال، والعامل المناخي عامل مساعد. قلت له: إذن الصراع الآن، أكاديمي، بين علماء الجيولوجيا والمتيورولوجيا، أليس كذلك؟ قال: المسألة محسومة، على الأقل بالنسبة لي. وأقول: يا أيها الزملاء الأكاديميون، كل في تخصصه، هلموا إلى نقاش أكاديمي هادي.

ماذا عن دور الجغرافيا في موضوعات الصحراء والماء؟، قال: (كله جغرافيا) قلت له: لم نر تعاوناً واضحاً في هذا الشأن بين المتيورولوجيين والمناخيين والجيولوجيين، قال: هنا، في جامعة بوسطن، الجيولوجي والجغرافي والكيميائي والآثاري والمتخصص في النقل ونظم المعلومات الجغرافية ونظم الاستشعار عن بعد، كلهم (السبعة) يعملون فريقاً واحداً في مشروعات بحثية متنوعة، ويصلون إلى نتائج مذهلة. ذكرت له أنه سبق أن طرحت فكرة إنشاء كلية للبيئة والدراسات الجغرافية في مقال لي في صحيفة الجزيرة السعودية، قال: أفضل من ذلك هو إنشاء معهد بحثي بهذا الاسم، قلت: سأطرح هذه الفكرة على الدكتور عبدالله العثمان، مدير جامعة الملك سعود، وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.

نشر الجز الثاني قبل الجزء الأول، فنعتذرللكاتب وللقراء المكرمين



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد