في خضم الحماسة الشديدة من بعض أبناء الأمة الإسلامية للاختلاط بين الرجال والنساء في مجالات الأعمال المختلفة، وفي صفوف وقاعات الدراسة في مراحلها المختلفة، يأتي نظام الفصل بين الرجال والنساء في ألعاب بكين دليلاً قوياً على تهافت دعوات الاختلاط بحجة المساواة بين الرجل والمرأة، وسقوط دعاوى المساواة الكاملة بين النساء والرجال مع إغفال الفوارق الطبيعية التي أوجدها الله سبحانه وتعالى بينهما.
يرى المتابع لدورة بكين الفصل التام بين الذكور والإناث بحيث لا توجد لعبة واحدة مشتركة بينهما، والسبب في ذلك حسب أحاديث المسؤولين عن تلك الألعاب عدم قدرة النساء على مجاراة الرجال في الألعاب الرياضية بسبب الاختلاف الكبير بين تكوين جسد المرأة وجسد الرجل من جانب، وبين نفسية كلٍّ منهما من جانب آخر؛ لأن جانب الانفعالات النفسية عند المرأة يحول بينها وبين تجاوز المفاجآت التي قد تحدث أثناء أداء الألعاب، وهو ما لا يحدث عند الرجل.
لقد تمّ الفصل بين الجنسين في تلك الألعاب بسبب هذا الاختلاف الفطري بينهما، وليس استجابة لما أمر الله به وشرع من وجوب الفصل بين الذكور والإناث، ولو كان ما فعلوه استجابة للشرع لما رأينا مظاهر العُري المشينة في مثل هذه الألعاب وهي مظاهرة تدل على الهوّة السحيقة بين أولئك القوم وبين ما تدعو إليه الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها.
ونحن حينما نشير إلى هذا الشاهد العملي المتمثل في الفصل بين الذكور والإناث الذي نراه بأعيننا في هذه الألعاب التي تقام في بلادٍ لا تؤمن بشرع الله، إنما نؤكد به سلامة الرؤية الإسلامية، ونلفت به نظر أولئك الكتاب الذين يؤذون مشاعر أُمتهم بدعواتهم إلى التغريب، والتقليد للغرب والشرق في أمورٍ معلومةٍ من ديننا الحنيف بالضرورة.
لقد أشرت في مقال سابق قبل شهور إلى وجود كليات خاصة للنساء في أمريكا وبعض دول أوروبا، وذكرت ما ورد على ألسنة القائمات عليها حينما سألهن سائل عن السبب، فقلن: السبب هو ما يحدث من الفساد والانحراف وضعف الاستيعاب من الطلاب والطالبات في الصفوف والقاعات المختلطة.
وها نحن هنا نرى في ألعاب بكين ما يزيد الأمر تأكيداً، وما يجعلنا نتساءل إلى متى يظل دعاة التغريب والاختلاط من أبناء المسلمين منصرفين عن الرؤية الشرعية السليمة التي تدعو المجتمعات البشرية إلى الخلق الفاضل، والحياة الحرّة الكريمة.
إن مخالفة شرع الله طريق للانحراف بالمجتمع المسلم إلى الضياع الخلقي، والانهزام الروحي اللذين يحولان المجتمعات البشرية إلى قطعان ترى بريق المادة هدفاً أسمى تتضاءل أمامه الأهداف الروحية، والقيم وهذا هو الخسران المبين.
إشارة:
نعوذ بالله من عمى البصائر، وضلال العقول.