احتجاجاً على غلاء الأرز وبعض المواد الغذائية، قام أحد المواطنين في منطقة حائل بزراعة محصول جديد على المنطقة وهو حبوب الأرز، ولم يكن الأمر متعباً أو ذو جهد كبير سوى أن هذه الحبوب تتطلب رطوبة دائمة! وبالرغم أن منطقة حائل صحراوية ولا تتوفر فيها المياه بالصورة المطلوبة إلا أن هذا الفلاح الشمري بادر بكل تحد للظروف البيئية والمناخية وقام بزراعة الأرز، وهو يلوّح بالنية للتصدير بكل ثقة.

وإن كان هناك من عتب على رجال الأعمال وأقصد المبادرين منهم بالذات المحبين لبلدهم، المخلصين لها، فإنه عتب يطول ولا يتوقف عند رجال منطقة جازان - فحسب - تلك المنطقة الزراعية التي تتوفر فيها كل معطيات الزراعة ابتداء من خصوبة تربتها وأمطارها الدائمة، فضلا عن وقوعها عند مصب مياه السيول من اليمن وعسير، بالإضافة إلى تنوع مناخها وسطحها مما يسمح بالتنويع الزراعي حيث تشتمل على السهول والجبال والطبيعة الساحرة، وهو ما يؤهلها أن تسبق مناطق كثيرة بالمملكة عرفت بالزراعة كالقصيم والأحساء والجوف.

بل يمكن أن نطلق عليها سلة غذاء المملكة بدلاً من إهمال كل ذلك مع هدر الجهود وتوجيهها لزراعة القات، التي مافتئت الدولة تحارب زراعته بكل ما أوتيت من قوة بالإقناع أو القانون.

إن المناطق الزراعية تكاد تهمل بسبب توقف الدعم الحكومي والتخويف من نضوب المياه في المملكة ونحن سكان الجزيرة العربية الذين وعدنا بأن جزيرتنا ستعود جنات وأنهارا.

ولعل غلاء الأسعار الغذائية وتحكم الدول المصدرة به يكونان سبباً ودافعاً للالتفات إلى ثرواتنا المهملة في بلادنا الحبيبة.

والمجتمع بجميع أطيافه وفئاته يتحمل الجزء الأكبر من ذلك الإهمال، فأين المسؤولية الاجتماعية والإنتاج الحقيقي إذا كان التاجر يرفض الاستثمار والشاب يأبى العمل مزارعاً؟ تلك المهنة الجميلة التي تشعرك بتجدد الأمل اليومي، وانتظار الغد الجميل الذي يفصح كل يوم عن جديد.

فالفسيلة تمسي نخلة والبذرة تصبح شجرة بل شجيرات وثمرات مختلفا ألوانها، وسنبلات تنفض جدائلها الذهبية كل حين بأمر ربها، فتملأ القلب تفاؤلا والنفس ثقة وشعورا بالرضا والاكتفاء الذاتي وعدم الحاجة للآخرين.

إننا حقا بحاجة إلى عقول اقتصادية محبة ومخلصة لهذا البلد الكريم والشعب الحبيب تنهض به بعيدا عن الأحلام والأوهام أو نزع الثقة من بلدنا ونقل ثرواته للخارج للبحث عن تربة خصبة ومياه متوفرة وأيدٍ عاملة! ونحن الشاكون من البطالة والفراغ، المتذمرون من الأوضاع الاقتصادية الحالية التي تمسك قبضتها على رقاب الفقراء أو الكسالى أو المتبرمين!!