Al Jazirah NewsPaper Wednesday  13/08/2008 G Issue 13103
الاربعاء 12 شعبان 1429   العدد  13103

دفق قلم
ما لَه أحالَ وأجرب؟
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

 

مثل عربيٌّ ذكره الميداني في كتابه الشهير (مجمع الأمثال) خطر ببالي وأنا أتأمل حالة بعض الساسة والمثقفين والكتّاب العرب الذين وجدوا فرصة لنشر آرائهم وأفكارهم المصادمة لثوابت أمتهم العربية المسلمة وقيمها ومبادئها.

ما معنى هذا المثل؟ العرب تقول: أحالت إبل فلان فهي مُحِيلة أي توقفت عن الحمل، والناقة المحيل التي لا تحمل، والشاعر العربي يقول:

فما طلبت مني؟ أحالت وأجربت

ومدَّت يديها لاحتلاب وصَرَّتِ

وفي البيت دعاءٌ على زوجة الشاعر، حيث دعا عليها بأن تحيل فلا تنجب، وبأن يصيبها الجرب، وبأن تصبح كالأمة لا عمل لها إلا الصَرُّ والحَلْب.

فالمثل يشير إلى جمع الشرّين، أو الصفتين السيئتين؛ بأن تكون الناقة محيلة لا تنجب، وأن يصيبها الجرب، وهذه أسوأ الحالات التي يصل إليها مخلوق، سواء أكان حيواناً أم إنساناً.

لكأني بهذا المعنى الذي تضمَّنه هذا المثل ينطبق على بعض أبناء جلدتنا ممن شغلوا أقلامهم، وألسنتهم بكثير من الباطل يصادمون به الحق، وهم أنفسهم في حالةٍ تجمع بين السّوأتين (الإحالة والجرب). وهذه الحالة من أسوأ الحالات التي تواجهها المجتمعات البشرية في وقت الأزمات.

نعرف بعضهم قبل دخول القوات الأجنبية إلى المنطقة باحتلال العراق الجريح، من خلال لحن القول، واستخدام الرموز التي توحي بما لديهم من الشر، ومن خلال ارتداء ثوب الاختفاء الفكري والثقافي خوفاً من مواجهة المجتمع المسلم الذي يستقر على أسس قويَّة من الثوابت التي لا تهزُّها الأعاصير.

فلما رأوا جلجلة القوى الدولية المحتلة، والإعلام الذي يسندها بكل ما أوتي من وسائل التأثير والبريق الخادع، خرجوا من ثياب الاختفاء، وتخلَّصوا من قواقع الرموز، وفاجؤوا الأمة بجربهم الفكري الذي انضمَّ إلى (الإحالة والعقم الفكري والشعوري) الموجود عندهم سلفاً.

توارت رموز الطحالب، وما وراء البحار، والغثائية والرجعية، والتخلُّف والتكلُّس التي كانوا يخفون بها سوء أفكارهم، وظهرت عباراتهم الصريحة تؤيد سياسة المحتل وفكره وثقافته وإعلامه المنحر، وأدبه المنحلّ، وديمقراطيته الزائفة، وتحارب مظاهر التديُّن الحق في المجتمع المسلم، التزاماً بمبادئ الدين، وأمراً بمعروف، ونهياً عن منكر، وتماسكاً أسرياً، وحشمة وحياءً، وحجاباً شرعياً للمرأة المسلمة، وكأنهم شعروا بأن طائرات المحتل وبارجاته ودباباته تحميهم من مواجهة المجتمع المسلم لأنهم يشكِّلون فرقةً من فرق الحرب على بلاد المسلمين، ألا وهي فرقة الغزو الثقافي الغربي، وما يتبعه من أخلاق متفلِّتة من النقاء والصفاء، وهي فرقة عدائية خطيرة، تحاول هدم المجتمع من داخله، وتقدم للأعداء خدمة عظيمة لم يكونوا يحلمون بها.

نعم لقد أحالوا وأجربوا، وإذا لم يكافحهم المصلحون، وأولو الأمر من المسلمين فلسوف يُعدي جربهم الأجيال التي تفتح عيونها على هذا التغريب المخيف.

إشارة:

رَبِّ إنا قد ابتلينا بقومٍ

يدَّعون الهدى وما تبعوه

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد