القاهرة - علي البلهاسي
تحل اليوم (الأربعاء) الذكرى الرابعة والأربعون لقرار إنشاء السوق العربية المشتركة الذي اتخذ عام 1964م، وظل تطبيقه متعثراً حتى اليوم في ظل وجود العديد من التحديات، حيث تأتي الذكرى لتثبت أن العالم العربي كان لديه النظرة البعيدة والرؤية الثاقبة نظرياً، لكنه كان قاصراً عن الخروج بها إلى حيز الواقع وترجمتها إلى حقيقة نتيجة لعدد من المعوقات أهمها ظهور أسواق عربية على هوامش السوق العربية المشتركة ترعاها بالدرجة الأولى جامعة الدول العربية. بالإضافة إلى ضعف الاقتصاديات ذات الإنتاجية المتدنية التي لا تستطيع أن تعتمد على بعضها في تلبية حاجاتها من السلع الاستهلاكية أو الضرورية الخاصة بالمشاريع التنموية التي يحتاج إليها قطاعا الزراعة والصناعة.
ويرى المتخصصون أن إلغاء الحواجز الجمركية بين دول السوق العربية المشتركة لا يعتبر شرطا كافيا لإقامة سوق عربية إذ إن الحد الأدنى المطلوب لذلك هو التجانس على الأقل بين هذه الاقتصاديات، وتنسيق السياسات الاقتصادية مع اتباع حركة تنمية للقطاعين الزراعي والصناعي، وإيجاد نوع من الثقة المتبادلة مع تبادل للمعلومات وتوزيع عادل لمزايا الاندماج الاقتصادي.
ومن العوائق التي يجمع الاقتصاديون عليها بالإضافة إلى تماثل الإنتاج والمنتجات في هذه الدول أن المواد الأولية وعلى رأسها النفط ما زالت تشكل العمود الفقري لصادرات العديد من الدول العربية وهذه المواد تصدر بمعظمها إلى الخارج ولا يمكن أن تستوعبها حاليا الأسواق العربية لذا فإن التجارة العربية البينية ستظل منخفضة ومحدودة، كما أن عدم وجود شبكة مواصلات ونقل بين الدول العربية وعدم وجود مناخ استثماري ملائم لأي دولة عربية يعد من العوائق لإقامة السوق العربية فعلى الرغم من كل قوانين تشجيع الاستثمار الصادرة في الدول العربية فإن 10.3% فقط من أموال العرب الموجودة في الخارج عادت إلى العالم العربي، ويرى فريق من المحللين أن ضعف آلية تنفيذ الاتفاقيات التي يتم التوقيع عليها وعدم وجود خطة عربية شاملة في المجال الاقتصادي لا تتعارض مع الخطط القطرية من المعوقات لقيام السوق العربية.
ومع ذكرى إنشاء السوق العربية المشتركة، لا تزال هناك مشاكل تواجه التطبيق الفعلي للبرنامج التنفيذي للمنطقة العربية للتجارة الحرة وتتمثل في إصرار العديد من الدول العربية على فرض قيود غير جمركية على الكثير من السلع ولجوء البعض الآخر إلى فرض حظر على استيراد بعض المنتجات الزراعية من الدول العربية الأعضاء، بالإضافة إلى ضآلة التجارة العربية البنية والتدخل الحكومي في اقتصاديات الدول العربية كلها عناصر تقلل من نجاح منطقة التجارة العربية. وعلى الرغم من هذه الظروف إلا أن هناك العديد من الإجراءات التي تتخذها الدول العربية لإزالة العديد من المعوقات مثل أخذ معظم الدول العربية ببرنامج للإصلاح الاقتصادي إلى جانب الالتزام بمبادئ اتفاقيات منظمة التجارة العالمية وهو ما يعني القضاء على السياسات الحمائية التي كانت تطبق في معظم الدول العربية.