تعقد آلاف الدورات في أنحاء العالم لتدريب الناس على رسم أهدافهم في الحياة، وتعويدهم على وضع خطط قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى لتحقيق الهدف الذي يرسمونه، وهي دورات ذات قيمة عملية، ولها دور فعَّال في تحقيق التوازن في حياة الناس، وإشاعة روح الرِّضا والهدوء، وإزالة أسباب القلق والاضطراب. |
ولو أن كل إنسان مسلم خصَّص لنفسه أوقاتاً للتأمُّل والتفكير في مسيرة حياته، ولوضع خطط لنفسه يحقق بها أهدافه في الحياة، لتضاعف الإنتاج في عالمنا الإسلامي بصورة ممتازة. |
إن مسألة رسم الهدف من أيسر المسائل التي يمكن أن يتعامل معها الإنسان وهي مع ذلك في مقدمة المسائل التي يهملها معظم الناس، ولا يلتفتون إليها، ولا يشعرون بقيمتها، ويبتعد عنها بعض الناس ظاناً أنها من المسائل الصعبة المعقدة التي لا يحسن التعامل معها بنجاح إلا المثقفون المتفوقون، ولو علم هؤلاء وأولئك مدى سهولة رسم الهدف لما قصّروا في التعامل مع هذا الأسلوب المهم من أساليب النجاح. |
وإذا كان الإنسان الغربي قد سبق الإنسان العربي المسلم في التعامل مع هذه المسائل المهمة، وطوَّر مهارة رسم الهدف تطويراً كبيراً، ودَّرب عليها الناس حتى أصبحنا في هذا المجال العملي الفعَّال نتتلمذ على مؤلفات ودورات وندوات كثيرة صدرت وأقيمت وما زالت تصدر وتقام في العالم الغربي، فإن ذلك ناشئ من إهمالنا لكثير من أساليب التطوير والبناء التي حثَّنا عليها ديننا الحنيف، ولو التفتنا بصورة إيجابية فعَّالة إلى تعاليم ديننا في هذه المسألة وغيرها من المسائل المهمة لبناء حياة الإنسان السليمة. |
لقد علَّمنا القرآن الكريم كيف نرسم الأهداف الكبرى، والأهداف الصغرى لحياتنا، وكذلك علمنا الرسول عليه الصلاة والسلام هذه المهارة قولاً وعملاً. |
إن الهدف الأكبر في حياة المسلم مرسوم في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ}فهنا تحديد واضح صريح لأعظم هدف في هذه الحياة، ألا وهو عبادة الله عز وجل، وفي هذا من رفع قيمة الإنسان، وتثبيت قلبه، وإراحة روحه وعقله من القلق والاضطراب ما لا يخفى. فإذا رسم الإنسان هدفه الكبير وحدده، وأصبح عارفاً به مطمئناً إليه، خرج من دوائر الكفر والإلحاد التي تحطِّم فطرة الإنسان، وتشوِّه مسيرة حياته الصحيحة. |
ومن تأمل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجد من مواقف تحديد الأهداف ورسمها ما يصلح أن يكون منطلقاً لعمل إسلامي كبير، في هذا المجال المهم. |
إن سورة اقرأ تعد رَسْماً واضحاً للهدف الأسمى في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام واضحاً كل الوضوح في مواقف حياته كلها في بيان هذا الهدف والسعي إلى تحقيقه برغم تلك الصعوبات التي تهتز لها الجبال الراسيات. |
لقد رسم هدف الدعوة، فنجح في تحقيقه، وكذلك هدف الهجرة، وهدف الجهاد، وهدف فتح مكة وغيرها من الأهداف التي تزخر بها سيرته عليه الصلاة والسلام. |
|
من حدِّد الغاية في دربه |
لم يثنه خوف ولم يجزعِ |
www.awfaz.com |
|