Al Jazirah NewsPaper Monday  11/08/2008 G Issue 13101
الأثنين 10 شعبان 1429   العدد  13101
سقط (عمداً)
اللعب بالرماديين
من خلود العيدان

لا لون (رمادياً) بينهما! أبطال ما بين شر محض وخير كامل، إما أن تحبهم وإما أن تكرههم! ذلك ما انتهتجه الرسوم المتحركة الأمريكية، في الوقت الذي تسعى فيه الرسوم المتحركة اليابانية لأن تقترب للإنسان الحقيقي أكثر بخيره وشره فترسم مشاهد أبطالها بحسناتهم وأخطائهم.

هذا ما ذكره (تاكاماسا ساكوراي) الباحث الياباني في صناعة الرسوم المتحركة اليابانية في ندوة استمتعت جداً بحضورها، وبعيداً عن كون تقسيمه صحيحاً أم لا، إلا أن الفكرة بحد ذاتها لافتة للنظر.

ضحكاتنا الساخرة من ممثلة تحرص على أداء العمرة كل حين، أو راقصة شرقية تقيم موائد رمضانية سنوية للفقراء، مروراً بمن يمول حملات حج ويسهم في المئات من المشاريع الخيرية بينما يمول في الوقت نفسه قنوات فنية ضخمة، إلى من يدعو للحجاب ويظهر على الشاشات مع مذيعات غير محجبات، وكما ذكرت إطلاقنا الكلي للشر، فلا بد من أن أذكر إطلاقنا العجيب للخير، فالشيخ العالم منزه! والكثير من الأمثلة التي -بتصفية سريعة لأحاديثنا- نفاجأ بها! ونفاجأ بأن الأبيض والأسود خيارانا الوحيدان في الحكم، نستسهل (لعب) دور القاضي بإصدار الحكم يتبعه الآخر ونتداول بتهور يومي أو أسبوعي نقاشات (سريعة) التحضير لا نطمئن فيها ولا نعتدل ولا (نعدل).

بعيداً عن كون الأمثلة ليست من وحي شخصيات يومية نتعاطى مع خيرها - شرها، وكونها أمثلة تقترب من المحيط الأكثر شهرة إلا أنها الأقرب لتتضح (الألوان) في الصورة. تلك الصورة التي ننظر لها من بعيد ب(مجمل) غير مجزأ، هذا إن افترضنا أن ما ذكرته يصنف في قائمة الخير والشر ولم نختلف في تصنيفه (وذاك حق).

الاختلاف بالرأي واللون والقرار والاختيار (رحمة). وعظة لمن لم يؤمن بإنسانيته واعتقد أنه للقداسة أقرب!، ورحمة ب(الرماديين) الذين اختاروا أن يكونوا تحت الضوء واختار كثر أن يتحكموا هم بالمولد الكهربائي! وبالرماديين الآخرين الذين نصطف بجانبهم في المصعد، نراهم في الأسواق، نشاركهم وجبة عشاء في حفل ضخم، نضحك معهم، نفتقدهم، نشتمهم، والرماديون الذين هم بآخر المطاف (نحن)!

الارتقاء لمستوى فهم لغة الألوان وتقبل (المزج) الإنساني يجعلنا نحترم الدين باحترام ابتغاء الخير من أي كان! لا بد أن أدرج مقولة لأحدهم يصاحب قراءتها صدى عجيب (ولما كان الإنسان لم يخلق كائناً ملائكيّاً, ولا كائناً أبدياً، فإن السبيل ميسر أمامه ليهبط بنفسه إلى درك الحيوانية أو يسمو بنفسه إلى الذروة فمصيره ومستقبله رهن اختياره الحرّ).. وما بينهما سيظل إنساناً!



kimmortality@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد